الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وما تلك بيمينك يا موسى  قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى  قال ألقها يا موسى فألقاها فإذا هي حية تسعى  قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى واضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء آية أخرى لنريك من آياتنا الكبرى اذهب إلى فرعون إنه طغى  قال رب اشرح لي صدري  ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني  يفقهوا قولي  واجعل لي وزيرا من أهلي  هارون أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري كي نسبحك كثيرا  ونذكرك كثيرا  إنك كنت بنا بصيرا قال قد أوتيت سؤلك يا موسى  ولقد مننا عليك مرة أخرى

[ ص: 327 ] ثم قال عز وجل، في مخاطبته لموسى عليه السلام: وما تلك بيمينك يا موسى يعني عصاه كانت بيده اليمنى، قال ذلك لموسى عليه السلام، وهو يريد أن يحولها حية.

قال موسى عليه السلام: هي عصاي أتوكأ عليها يقول: أعتمد عليها إذا مشيت وأهش بها على غنمي يقول: أخبط بها الشجر فيتهاش الورق في الأرض، فتأكله غنمي إذا رعيتها، وكانت صغارا لا تعلون الشجر، وكان موسى عليه السلام، يضرب بعصاه الشجر فيتهاش الورق في الأرض فتأكله غنمه. ولي فيها يعني في العصا مآرب أخرى يعني حوائج أخرى، وكان موسى ، عليه السلام، يحمل زاده وسقاءه على عصاه، ويضرب الأرض بعصاه فيخرج ما يأكل يومه، ويركزها في الأرض فيخرج الماء، فإذا رفعها ذهب الماء، وتضيء بالليل في غير قمر ليهتدي بها، ويرد بها غنمه عليه، فتقيه بإذن الله، عز وجل، من الآفات، ويقتل بها الحيات والعقارب بإذن الله عز وجل.

حدثنا عبيد الله ، قال: حدثني أبي، عن الهذيل ، عن مقاتل ، قال: دفع جبريل، عليه السلام، العصا إلى موسى ، عليه السلام، وهو متوجه إلى مدين بالليل،  واسم العصا نفعة.

قال الله عز وجل: ألقها يا موسى . فألقاها من يده اليمنى فإذا هي حية تسعى على بطنها ذكرا أشعر، له عرف، فخاف موسى ، عليه السلام، أن يأخذها.

فـ قال له ربه عز وجل: خذها ولا تخف منها سنعيدها سيرتها الأولى يعني سنعيدها عصا كهيئتها الأولى عصا، كما كانت أول مرة، فأهوى موسى بيده إلى ذنبها فقبض عليها، فصارت عصا كما كانت.

واضمم يدك يعني كفك إلى جناحك يعني عضدك تخرج بيضاء من غير سوء [ ص: 328 ] يعني من غير برص، فأخرج يده من مدرعته وكانت مضربة، فخرجت بيضاء لها شعاع كشعاع الشمس يغشى البصر، ثم قال: آية أخرى يعني اليد آية أخرى سوى العصا.

لنريك من آياتنا الكبرى يعني اليد، كانت أكبر وأعجب أمرا من العصا، فذلك قوله سبحانه: فأراه الآية الكبرى يعني اليد.

اذهب إلى فرعون إنه طغى يقول: إنه عصى، فادعوه إلى عبادتي، واعلم أني قد ربطت على قلبه؛ فلم يؤمن، فأتاه ملك خازن من خزان الريح، فقال له: انطلق لما أمرت.

قال موسى رب اشرح لي صدري يقول: أوسع لي قلبي، قال له الملك: انطلق لما أمرت به، فإن هذا قد عجز عنه جبريل، وميكائيل، وإسرافيل عليهم السلام.

ويسر لي أمري يقول: وهون علي ما أمرتني به من البلاغ إلى فرعون وقومه، ولا تعسره علي.

واحلل عقدة من لساني وكان في لسانه رتة يعني الثقل، هذا الحرف عن محمد بن هانئ.

يفقهوا قولي يعني كلامي.

واجعل لي وزيرا يقول: بالدخول إلى فرعون ، يعني عونا من أهلي لكي يصدقني فرعون.

هارون أخي اشدد به أزري يقول: اشدد به ظهري، وليكون عونا لي.

وأشركه في أمري الذي أمرتني به، يتعظون لأمرنا ونتعاون كلانا جميعا.

كي نسبحك كثيرا في الصلاة ونذكرك كثيرا باللسان إنك كنت بنا بصيرا يقول: ما أبصرك بنا.

قال عز وجل: قد أوتيت سؤلك يا موسى ومسألتك لنفسك خيرا، عن العقدة في اللسان ولأخيك.

ولقد مننا عليك يعني أنعمنا عليك مع النبوة مرة أخرى . [ ص: 329 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية