إذ أوحينا إلى أمك ما يوحى أن اقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليم فليلقه اليم بالساحل يأخذه عدو لي وعدو له وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني إذ تمشي أختك فتقول هل أدلكم على من يكفله فرجعناك إلى أمك كي تقر عينها ولا تحزن وقتلت نفسا فنجيناك من الغم وفتناك فتونا فلبثت سنين في أهل مدين ثم جئت على قدر يا موسى واصطنعتك لنفسي اذهب أنت وأخوك بآياتي ولا تنيا في ذكري اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم قد جئناك بآية من ربك والسلام على من اتبع الهدى
ثم بين النعمة، فقال سبحانه: إذ أوحينا إلى أمك ما يوحى ، واسمها يوخاند.
أن اقذفيه أن اجعليه في التابوت والمؤمن الذي صنع التابوت اسمه خربيل بن صابوث فاقذفيه في اليم يعني في نهر مصر، وهو النيل فليلقه اليم بالساحل على شاطئ البحر يأخذه عدو لي وعدو له يعني فرعون عدو الله، عز وجل، وعدو لموسى، عليه السلام وألقيت عليك محبة مني فألقى الله، عز وجل، على موسى ، عليه السلام، المحبة فأحبوه حين رأوه فهذه النعمة الأخرى ولتصنع على عيني حين قذف التابوت في البحر، وحين التقط، وحين غذي، فكل ذلك بعين الله عز وجل، فلما التقطه جعل موسى لا يقبل ثدي امرأة.
إذ تمشي أختك مريم فتقول لآل فرعون: هل أدلكم على من يكفله يعني على من يضمه ويرضعه لكم، فقالوا: نعم، فذهبت أخته فجاءت بالأم فقبل ثديها، فذلك قوله سبحانه: فرجعناك إلى أمك يعني كي تقر عينها ولا تحزن عليك وقتلت حين بلغ أشده ثماني عشرة سنة نفسا بمصر فنجيناك من الغم يعني من القتل، وكان مغموما مخافة أن يقتل مكان القتيل وفتناك فتونا يعني ابتليناك ببلاء على أثر بلاء، يعني بالبلاء النقم منذ يوم ولد إلى أن بعثه الله، عز وجل، رسولا فلبثت سنين يعني عشر سنين في أهل مدين حين كان مع شعيب، عليهما [ ص: 330 ] السلام ثم جئت على قدر يعني ميقات يا موسى . واصطنعتك لنفسي وهو ابن أربعين سنة، يقول: واخترتك لنفسي رسولا اذهب أنت وأخوك هارون بآياتي يعني اليد والعصا، وهارون يومئذ غائب بمصر ، فالتقيا موسى وهارون، عليهما السلام، من قبل أن يصلا إلى فرعون ولا تنيا في ذكري يقول: ولا تضعفا في أمري، في قراءة " ولا تهنا في ذكري في البلاغ إلى ابن مسعود : فرعون " يجرئهما على فرعون .
اذهبا إلى فرعون إنه طغى يقول: عصى الله، عز وجل، أربعمائة سنة فقولا له قولا لينا يقول: ادعواه بالكنية، يعني بالقول اللين، هل لك إلى أن تزكى، وأهديك إلى ربك فتخشى لعله يتذكر أو يخشى . قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا يعني أن يعجل علينا بالقتل أو أن يطغى يعني يستعصي.
قال لا تخافا القتل إنني معكما في الدفع عنكما، فذلك قوله سبحانه: فلا يصلون إليكما ثم قال: أسمع جواب فرعون وأرى يقول: وأعلم ما يقول، كقوله: لتحكم بين الناس بما أراك الله يعني بما أعلمك الله، عز وجل.
فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فانقطع كلام الله عز وجل لموسى، عليه السلام، فلما أتيا فرعون ، قال موسى لفرعون: فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم يقول: ولا تستعبدهم بالعمل، يعني بقوله: معنا، يعني نفسه وأخاه قد جئناك بآية يعني بعلامة من ربك وهي اليد والعصا والسلام على من اتبع الهدى يقول: والسلام على من آمن بالله عز وجل.