إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى قال فمن ربكما يا موسى قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى قال فما بال القرون الأولى قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى الذي جعل لكم الأرض مهدا وسلك لكم فيها سبلا وأنزل من السماء ماء فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى كلوا وارعوا أنعامكم إن في ذلك لآيات لأولي النهى منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى ولقد أريناه آياتنا كلها فكذب وأبى قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك يا موسى فلنأتينك بسحر مثله فاجعل بيننا وبينك موعدا لا نخلفه نحن ولا أنت مكانا سوى قال موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى
[ ص: 331 ] إنا قد أوحي إلينا أن العذاب في الآخرة على من كذب بتوحيد الله عز وجل وتولى يعني وأعرض عنه.
قال فرعون : فمن ربكما يا موسى قال ربنا الذي أعطى كل شيء من الدواب خلقه يعني صورته التي تصلح له ثم هدى يقول: هداه إلى معيشته ومرعاه، فمنها ما يأكل الحب، ومنها ما يأكل اللحم.
قال فرعون: يا موسى فما بال القرون الأولى يقول: مؤمن آل فرعون في حم المؤمن: يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم في الهلاك، فلما سمع ذلك فرعون من المؤمن، قال لموسى: فما بال القرون الأولى فلم يعلم موسى ما أمرهم ؟ لأن التوراة إنما أنزلت على موسى ، عليه السلام، بعد هلاك فرعون وقومه.
فمن ثم رد عليه موسى : فـ قال علمها عند ربي في كتاب يعني اللوح المحفوظ لا يضل ربي يعني لا يخطئ ذلك الكتاب ربي ولا ينسى ما فيه، فلما أنزل الله، عز وجل، عليه التوراة أعلمه، وبين له فيها القرون الأولى.
ثم ذكر موسى ، عليه السلام، صنع الله، عز وجل ليعتبر به فرعون ، فقال: الذي جعل لكم الأرض مهدا يعني فراشا وسلك لكم يعني وجعل لكم فيها سبلا يعني طرقا في الأرض وأنزل من السماء ماء فأخرجنا به يعني بالمطر أزواجا من نبات شتى من الأرض يعني مختلفا من كل لون من النبت منها للدواب، ومنها للناس.
كلوا وارعوا أنعامكم إن في ذلك يعني فيما ذكر من هذه الآية لآيات يعني لعبرة لأولي النهى يعني لذوي العقول في توحيد الله، عز وجل، هذا قول موسى ، عليه السلام، لفرعون.
[ ص: 332 ] ثم قال الله عز وجل: منها خلقناكم يعني أول مرة خلقكم من الأرض من التراب الذي ذكر في هذه الآية التي قبلها وفيها نعيدكم إذا متم ومنها نخرجكم يوم القيامة أحياء بعد الموت تارة أخرى يعني مرة أخرى.
ولقد أريناه آياتنا كلها يعني فرعون ، الطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، والطمس، والسنين، والعصا، واليد، الآيات السبع: فكذب بها، بأنها ليست من الله، عز وجل، وأبى أن يصدق بها، وزعم أنها سحر.
قال فرعون لموسى: أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك يا موسى اليد والعصا فلنأتينك بسحر مثله يعني بمثل سحرك فاجعل بيننا وبينك موعدا يعني وقتا لا نخلفه نحن ولا أنت مكانا سوى يعني ميقاتا، يعني عدلا كقوله سبحانه: أصحاب الصراط السوي يعني العدل.
قال موسى لفرعون: موعدكم يوم الزينة يعني يوم عيد لهم في كل سنة واحد، وهو يوم النيروز وأن يحشر الناس ضحى يعني نهارا في اليوم الذي فيه العيد، مثل قوله: بأسنا ضحى يعني نهارا، وبعث فرعون شرطة فحشرهم للميعاد.