كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرحمن هم كافرون خلق الإنسان من عجل سأريكم آياتي فلا تستعجلون ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين
ثم قال عز وجل: كل نفس ذائقة الموت يعني النبي صلى الله عليه وسلم وغيره ونبلوكم يقول: ونختبركم بالشر يعني بالشدة لتصبروا "و" بـ والخير فتنة يعني بالرخاء لتشكروا فتنة، يقول: هما بلاء يبتليكم بهما وإلينا في الآخرة ترجعون بعد الموت فنجزيكم بأعمالكم.
وإذا رآك الذين كفروا يعني أبا جهل إن يتخذونك إلا هزوا وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على ، وعلى أبي سفيان بن حرب أبي جهل بن هشام ، فقال أبو جهل كالمستهزئ: انظروا إلى نبي لأبي سفيان بني عبد مناف. فقال أبو سفيان لأبي [ ص: 358 ] جهل حمية، وهو من بني عبد شمس بن عبد مناف: وما ننكر أن يكون نبيا في بني عبد مناف، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم قولهما، فقال لأبي جهل : " ما أراك منتهيا حتى ينزل الله عز وجل بك ما نزل بعمك ، وأما أنت يا الوليد بن المغيرة ، فإنما قلت الذي قلت حمية "، فأنزل الله عز وجل: أبا سفيان وإذا رآك الذين كفروا يعني أبا جهل إن يتخذونك إلا هزوا استهزاء.
وقال أبو جهل حين رأى النبي صلى الله عليه وسلم: أهذا الذي يذكر آلهتكم اللات والعزى ومناة بسوء يقول الله عز وجل: وهم بذكر يعني بتوحيد الرحمن هم كافرون وذلك أن أبا جهل قال: إن الرحمن مسيلمة بن حبيب الحنفي الكذاب .
خلق الإنسان يعني آدم أبو البشر من عجل وذلك أن كفار قريش استعجلوا بالعذاب في الدنيا من قبل أن يأتيهم تكذيبا به، كما استعجل آدم عليه السلام الجلوس من قبل أن تتم فيه الروح من قبل رأسه يوم الجمعة، فأراد أن يجلس من قبل أن تتم فيه الروح إلى قدميه، فلما بلغت الروح وسطه ونظر إلى حسن خلقه أراد أن يجلس ونصفه طين، فورث الناس كلهم العجلة من آدم، عليه السلام، لم تجد منفذا فرجعت من أنفه فعطس، فقال: الحمد لله رب العالمين، فهذه أول كلمة تكلم بها. وبلغنا أن الله عز وجل رد عليه، فقال: لهذا خلقتك يرحمك ربك. فسبقت رحمته غضبه، فلما استعجل كفار مكة العذاب في الدنيا نزلت. خلق الإنسان من عجل لأنهم من ذريته يقول الله، عز وجل، لكفار مكة: فـ سأريكم آياتي يعني عذابي القتل فلا تستعجلون يقول: فلا تعجلوا بالعذاب.
ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين وذلك أن كفار مكة قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: متى هذا العذاب الذي تعدنا، إن كنت صادقا، يقولون ذلك مستهزئين تكذيبا بالعذاب.
[ ص: 359 ]