ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون
ومن يقل منهم يعني من الملائكة إني إله من دونه يعني من دون الله عز وجل فذلك يعني فهذا الذي يقول: إني إله من دونه نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين النار حين زعموا أن مع الله، عز وجل، إلها، ولم يقل ذلك أحد من الملائكة غير إبليس عدو الله رأس الكفر.
أولم ير الذين كفروا يقول: أولم يعلم الذين كفروا من أهل مكة أن السماوات والأرض كانتا رتقا يعني ملتزقين، وذلك أن الله تبارك وتعالى أمر بخار الماء فارتفع، فخلق منه السماوات السبع، فأبان إحداهما من الأخرى، فذلك قوله: ففتقناهما ثم قال سبحانه: وجعلنا من الماء كل شيء حي يقول: وجعلنا الماء حياة كل شيء يشرب الماء أفلا يؤمنون يقول: أفلا يصدقون بتوحيد الله عز وجل مما يرون من صنعه.
وجعلنا في الأرض رواسي يعني الجبال أرسيت في الأرض، فأثبتت الأرض بالجبال [ ص: 357 ] أن تميد بهم لئلا تزول الأرض بهم وجعلنا فيها يعني في الجبال فجاجا يعني كل شعب في جبل فيه منذ سبلا يعني طرقا لعلهم يهتدون يقول: لكي يعرفوا طرقها.
وجعلنا السماء سقفا يعني المرفوع محفوظا من الشياطين؛ لئلا يسمعوا إلى كلام الملائكة، فيخبروا الناس وهم عن آياتها يعني الشمس والقمر والنجوم وغيرها معرضون فلا يتفكرون فيما يرون من صنعه، عز وجل، فيوحدونه.
وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون يقول: يدخلان من قبل المغرب فيجريان تحت الأرض حتى يخرجا من قبل المشرق، ثم يجريان في السماء إلى المغرب، فذلك قوله سبحانه: كل يعني الشمس والقمر في فلك يعني في دوران يسبحون يعني يجرون، فذلك دورانهما.
وما جعلنا لبشر وذلك أن قوما قالوا: إن محمدا صلى الله عليه وسلم لا يموت، فأنزل الله عز وجل: وما جعلنا لبشر يعني لنبي من الأنبياء من قبلك الخلد في الدنيا فلا يموت فيها، بل يموتون، فلما نزلت هذه الآية، قال النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل عليه السلام: " فمن يكون في أمتي من بعدي "، فأنزل الله عز وجل: أفإن مت يعني محمدا صلى الله عليه وسلم فهم الخالدون فإنهم يموتون أيضا.