الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين  فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين  وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين  وأدخلناهم في رحمتنا إنهم من الصالحين وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين  فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين  وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين  فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين  والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين  

[ ص: 367 ] وأيوب إذ نادى ربه يعني دعا ربه، عز وجل، أني مسني الضر يعني أصابني البلاء وأنت أرحم الراحمين . فاستجبنا له دعاءه فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله فأحياهم الله، عز وجل ومثلهم معهم وكانت امرأة أيوب ولدت قبل البلاء سبع بنين وثلاث بنات، فأحياهم الله، عز وجل، ومثلهم معهم رحمة يقول: نعمة من عندنا وذكرى للعابدين يقول: وتفكرا للموحدين فأعطاه الله، عز وجل، مثل كل شيء ذهب له، يعني أيوب ، وكان أيوب من أعبد الناس  فجهد إبليس ليزيله عن عبادة ربه، عز وجل، فلم يستطع.

وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين وأدخلناهم في رحمتنا يعني في نعمتنا وهي النبوة إنهم من الصالحين يعني من المؤمنين.

وذا النون يعني يونس بن متى، عليه السلام، إذ ذهب مغاضبا يعني مراغما لقومه، لحزقيل بن أجار ، ومن معه من بني إسرائيل، ففارقهم من غير أن يؤمنوا فظن أن لن نقدر عليه فحسب يونس أن لن نعاقبه بما صنع فنادى يقول: فدعا ربه في الظلمات يعني ظلمات ثلاث: ظلمة الليل، وظلمة البحر، وظلمة بطن الحوت، فنادى: أن لا إله إلا أنت يوحد ربه، عز وجل، سبحانك نزه تعالى أن يكون ظلمه، ثم أقر على نفسه بالظلم، فقال: إني كنت من الظالمين يقول يونس عليه السلام: إني ظلمت نفسي.

فاستجبنا له دعاءه ونجيناه من الغم يعني من بطن الحوت وكذلك ننجي المؤمنين قال أبو محمد: قال أبو العباس ثعلب: قال الفراء: أن لن نقدر عليه. ونقدر عليه، لمعنى واحد، وهو من قوله: قدرت الشيء، لا قدرت، معناه من التقدير لا من القدرة، ومثله في سورة الفجر: فقدر عليه رزقه من التقدير، والتقتير، لا من القدرة، بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " مكث يونس، عليه السلام، في بطن الحوت ثلاثة أيام ".  وعن كعب قال: أربعين يوما.

وزكريا إذ نادى ربه يعني دعا ربه في آل عمران، وفي مريم، قال: رب لا تذرني فردا يعني وحيدا، وهب لي وليا يرثني وأنت خير الوارثين [ ص: 368 ] يعني أنت خير من يرث العباد.

فاستجبنا له دعاءه ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه يعني امرأته فحاضت، وكانت لا تحيض من الكبر إنهم كانوا يسارعون في الخيرات يعني أعمال الصالحات، يعني زكريا وامرأته ويدعوننا رغبا في ثواب الله، عز وجل، ورهبا من عذاب الله، عز وجل، وكانوا لنا خاشعين يعني لله سبحانه متواضعين.

والتي أحصنت فرجها من الفواحش؛ لأنها قذفت، وهي مريم بنت عمران، أم عيسى ، صلى الله عليهما، فنفخنا فيها من روحنا نفخ جبريل، عليه السلام، في جيبها، فحملت من نفخة جبريل بعيسى ، صلى الله عليهم، وجعلناها وابنها عيسى ، صلى الله عليه، آية للعالمين يعني عبرة لبني إسرائيل، فكانا آية؛ إذ حملت مريم ، عليها السلام، من غير بشر، وولدت عيسى من غير أب، صلى الله عليه.

التالي السابق


الخدمات العلمية