وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق
قوله عز وجل: وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت المعمور، قال: دللنا إبراهيم عليه، فبناه مع ابنه إسماعيل، عليهما السلام، وليس له أثر ولا أساس، كان الطوفان محا أثره، ورفعه الله، عز وجل، ليالي الطوفان إلى السماء فعمرته الملائكة، وهو البيت المعمور، قال الله عز وجل لإبراهيم : أن لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي من الأوثان لا تنصب حوله وثنا للطائفين بالبيت والقائمين يعني المقيمين بمكة من أهلها والركع السجود يعني في الصلوات الخمس، وفي الطواف حول البيت من أهل مكة وغيرهم، والبيت الحرام اليوم مكان البيت المعمور، ولو أن حجرا وقع من البيت المعمور وقع على البيت الحرام، وهو في العرض والطول مثله، إلا أن قامته كما بين السماء والأرض.
وأذن يا إبراهيم في الناس يعني المؤمنين بالحج فصعد أبا قبيس، وهو الجبل الذي الصفا في أصله، فنادى فسمع نداء يا أيها الناس أجيبوا ربكم، إن الله عز وجل يأمركم أن تحجوا بيته، إبراهيم، عليه السلام، كل مؤمن على ظهر الأرض، ويقال: في أصلاب الرجال وأرحام النساء؛ فالتلبية اليوم جواب نداء إبراهيم، عليه السلام، عن أمر ربه، عز وجل، فذلك قوله سبحانه: يأتوك رجالا يعني على أرجلهم مشاة وعلى كل ضامر يعني الإبل يأتين من كل فج عميق يعني يجيء من كل مكان بعيد.
ليشهدوا منافع لهم يعني الأجر في الآخرة في مناسكهم "و" لكي ويذكروا اسم الله في أيام معلومات يعني ثلاثة أيام، يوم النحر، ويومين بعده إلى غروب الشمس على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس يعني الضرير الزمن الفقير الذي ليس له شيء.
ثم ليقضوا تفثهم يعني حلق الرأس، والذبح، والجمار، وليوفوا يعني لكي يوفوا نذورهم في حج، أو عمرة بما أوجبوا على أنفسهم من هدي، أو غيره، وليطوفوا بالبيت العتيق أعتق في الجاهلية من القتل، والسبي، والخراب. قال الفراء: أعتق من الفرق، ومن أن يدعي ملكه أحد من الجبابرة، ويقال: العتيق: القديم.
[ ص: 382 ]