والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنهم الله رزقا حسنا وإن الله لهو خير الرازقين ليدخلنهم مدخلا يرضونه وإن الله لعليم حليم ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله إن الله لعفو غفور ذلك بأن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وأن الله سميع بصير ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير
والذين هاجروا في سبيل الله إلى المدينة ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنهم الله [ ص: 388 ] في الآخرة رزقا حسنا يعني كريما وإن الله لهو خير الرازقين وذلك أن نفرا من المسلمين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم نحن نقاتل المشركين، فنقتل منهم ولا نستشهد، فما لنا شهادة، فأشركهم الله عز وجل جميعا في الجنة، فنزلت فيهم آيتان.
فقال: ليدخلنهم مدخلا يرضونه وإن الله لعليم لقولهم حليم عنهم. لقولهم: أنا نقاتل ولا نستشهد، ذلك ومن عاقب وذلك أن مشركي مكة لقوا المسلمين لليلة بقيت من المحرم، فقال بعضهم لبعض: إن أصحاب محمد يكرهون فاحملوا عليهم، فناشدهم المسلمون أن يقاتلوهم في الشهر الحرام، فأبى المشركون إلا القتال. فبغوا على المسلمين فقاتلوهم وحملوا عليهم، وثبت المسلمون فنصر الله، عز وجل، المسلمين عليهم، فوقع في أنفس المسلمين من القتال في الشهر الحرام، فأنزل الله عز وجل القتال في الشهر الحرام، ذلك ومن عاقب ، هذا جزاء من عاقب.
بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله إن الله لعفو عنهم غفور لقتالهم في الشهر الحرام ذلك يعني هذا الذي فعل من قدرته، ثم بين قدرته، جل جلاله، فقال سبحانه: ذلك بأن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل يعني انتقاص كل واحد منهما من الآخر، حتى يكون النهار خمس عشرة ساعة، والليل تسع ساعات في كل سنة وأن الله سميع بأعمالهم بصير بها. ذلك يعني هذا الذي فعل ذلك، يدل على توحيده بصنعه بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه يعني يعبدون من دونه من الآلهة هو الباطل الذي ليس بشيء، ولا ينفعهم عبادتهم، ثم عظم نفسه تبارك اسمه، فقال: وأن الله هو العلي يعني الرفيع فوق خلقه الكبير فلا شيء أعظم منه.