الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون بآياتنا وسلطان مبين  إلى فرعون وملئه فاستكبروا وكانوا قوما عالين  فقالوا أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون  فكذبوهما فكانوا من المهلكين  ولقد آتينا موسى الكتاب لعلهم يهتدون  وجعلنا ابن مريم وأمه آية وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين  يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم  وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون  فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون  فذرهم في غمرتهم حتى حين  

ثم أرسلنا رسلنا تترى يعني الأنبياء، تترا: بعضهم على أثر بعض كل ما جاء أمة رسولها كذبوه فلم يصدقوه فأتبعنا بعضهم بعضا في العقوبات وجعلناهم أحاديث لمن بعدهم من الناس يتحدثون بأمرهم وشأنهم فبعدا في الهلاك لقوم لا يؤمنون يعني لا يصدقون بتوحيد الله، عز وجل.

ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون بآياتنا وسلطان مبين إلى فرعون وملئه يعني حجة بينة فاستكبروا يعني فتكبروا عن الإيمان بالله، عز وجل، وكانوا قوما عالين يعني متكبرين عن توحيد الله.

[ ص: 398 ] فقالوا أنؤمن لبشرين مثلنا يعني أنصدق إنسانين مثلنا ليس لهما علينا فضل وقومهما يعني بني إسرائيل لنا عابدون ، فكذبوهما فكانوا من المهلكين بالغرق ولقد آتينا موسى الكتاب يعني التوراة لعلهم يهتدون من الضلالة، يعني بني إسرائيل، لأن التوراة نزلت بعد هلاك فرعون وقومه.

قوله عز وجل: وجعلنا ابن مريم وأمه يعني عيسى وأمه مريم ، عليهما السلام، آية يعني عبرة لبني إسرائيل، لأن مريم حملت من غير بشر، وخلق ابنها من غير أب، وآويناهما من الأرض المقدسة إلى ربوة يعني الغوطة من أرض الشام بدمشق، يعني بالربوة المكان المرتفع من الأرض ذات قرار يعني استواء ومعين يعني الماء الجاري.

يا أيها الرسل يعني محمدا صلى الله عليه وسلم كلوا من الطيبات الحلال من الرزق واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم وإن هذه أمتكم أمة واحدة يقول: هذه ملتكم التي أنتم عليها، يعني ملة الإسلام، ملة واحدة، عليها كانت الأنبياء، عليهم السلام،  والمؤمنون الذين نجوا من العذاب، الذين ذكرهم الله، عز وجل، في هذه السورة، ثم قال سبحانه: وأنا ربكم فاتقون يعني فاعبدون بالإخلاص.

فتقطعوا أمرهم بينهم يقول: فارقوا دينهم الذي أمروا به فيما بينهم، ودخلوا في غيره زبرا يعني قطعا، كقوله: آتوني زبر الحديد يعني قطع الحديد، يعني فرقا فصاروا أحزابا يهودا، ونصارى، وصابئين، ومجوسا، وأصنافا شتى كثيرة، ثم قال سبحانه: كل حزب بما لديهم فرحون يقول: كل أهل بما عندهم من الدين راضون به.

ثم ذكر كفار مكة ، فقال تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم: فذرهم في غمرتهم حتى حين يقول: خل عنهم في غفلتهم إلى أن أقتلهم ببدر .

[ ص: 399 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية