الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين  نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون  والذين هم بآيات ربهم يؤمنون  والذين هم بربهم لا يشركون  والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون  أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون ولا نكلف نفسا إلا وسعها ولدينا كتاب ينطق بالحق وهم لا يظلمون  بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون  حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجأرون لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون

ثم قال سبحانه: أيحسبون أنما نمدهم به يعني نعطيهم من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات يعني المال والولد لكرامتهم على الله، عز وجل، يقول: بل لا يشعرون أن الذي أعطاهم من المال والبنين هو شر لهم: إنما نملي لهم ليزدادوا إثما . ثم ذكر المؤمنين، فقال سبحانه: إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون يعني من عذابه والذين هم بآيات ربهم يؤمنون يعني هم يصدقون بالقرآن أنه من الله، عز وجل، ثم قال تعالى: والذين هم بربهم لا يشركون معه غيره ولكنهم يوحدون ربهم.

والذين يؤتون ما آتوا يعني يعطون ما أعطوا من الصدقات والخيرات وقلوبهم وجلة يعني خائفة لله من عذابه، يعلمون أنهم إلى ربهم راجعون في الآخرة، فيعملون على علم، فيجزيهم بأعمالهم، فكذلك المؤمن ينفق ويتصدق وجلا من خشية الله،  عز وجل، ثم نعتهم فقال: أولئك يسارعون في الخيرات يعني يسارعون في الأعمال الصالحة التي ذكرها لهم في هذه الآية وهم لها سابقون الخيرات التي يسارعون إليها.

ولا نكلف نفسا إلا وسعها يقول: لا نكلف نفسا من العمل إلا ما أطاقت، ولدينا يعني وعندنا كتاب يعني أعمالهم التي يعملون في اللوح المحفوظ ينطق بالحق وهم لا يظلمون في أعمالهم بل قلوبهم يعني الكفار في غمرة من هذا يقول: في غفلة من إيمان بهذا القرآن ولهم أعمال من دون ذلك يقول: لهم أعمال خبيثة دون الأعمال الصالحة، يعني غير الأعمال الصالحة التي ذكرت عن المؤمنين في هذه الآية، وفي الآية الأولى، هم لها عاملون يقول: هم لتلك [ ص: 400 ] الأعمال الخبيثة عاملون، التي هي في اللوح المحفوظ أنهم سيعملونها، لا بد لهم من أن يعملوها.

حتى إذا أخذنا مترفيهم يعني أغنياءهم وجبابرتهم بالعذاب يعني القتل ببدر إذا هم يجأرون إذا هم يضجون إلى الله، عز وجل، حين نزل بهم العذاب، يقول الله عز وجل: لا تجأروا اليوم لا تضجوا اليوم إنكم منا لا تنصرون يقول: لا تمنعون منا، حتى تعذبوا بعد القتل ببدر .

التالي السابق


الخدمات العلمية