الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
كذبت عاد المرسلين  إذ قال لهم أخوهم هود ألا تتقون  إني لكم رسول أمين  فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين  أتبنون بكل ريع آية تعبثون  وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون وإذا بطشتم بطشتم جبارين  فاتقوا الله وأطيعون واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون  أمدكم بأنعام وبنين  وجنات وعيون إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم  قالوا سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين  إن هذا إلا خلق الأولين وما نحن بمعذبين  فكذبوه فأهلكناهم إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين  وإن ربك لهو العزيز الرحيم

كذبت عاد المرسلين إذ قال لهم أخوهم هود ليس بأخيهم في الدين، ولكن أخوهم في النسب، ألا تتقون يعني ألا تخشون الله عز وجل، إني لكم رسول أمين فيما بينكم وبين ربكم، فاتقوا الله يعني فاعبدوا الله، وأطيعون فيما آمركم به من النصيحة وما أسألكم عليه من أجر يقول: لا أسألكم على الإيمان جعلا إن أجري يقول: ما أجري إلا على رب العالمين .

[ ص: 459 ] أتبنون بكل ريع يعني طريق آية يعني علما تعبثون يعني تلعبون؛ وذلك أنهم كانوا إذا سافروا لا يهتدون إلا بالنجوم، فبنوا القصور الطوال عبثا يقول: علما بكل طريق يهتدون بها في طريقهم، وتتخذون مصانع يعني القصور ليذكروا بها هذا منزل بني فلان، وبني فلان لعلكم يعني كأنكم تخلدون في الدنيا فلا تموتون.

وإذا بطشتم بطشتم جبارين يقول: إذا أخذتم فقتلتم في غير حق، كفعل الجبارين، والجبار من يقتل بغير حق، فاتقوا الله وأطيعون واتقوا الذي أمدكم يقول: اتقوا الله الذي أعطاكم بما تعلمون من الخير.

ثم أخبر بالذي أعطاهم، فقال سبحانه: أمدكم بأنعام وبنين وجنات يقول: البساتين وعيون يعني وأنهار جارية أعطاهم هذا الخير كله، بعدما أخبرهم عن قوم نوح بالغرق، قال: فإن لم تؤمنوا فـ إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم أن ينزل بكم في الدنيا، يعني بالعظيم الشديد، فردوا عليه، عليه السلام، قالوا سواء علينا أوعظت بالعذاب أم لم تكن من الواعظين إن هذا إلا خلق الأولين يعني ما هذا العذاب الذي يقول هود إلا أحاديث الأولين وما نحن بمعذبين . فكذبوه بالعذاب في الدنيا فأهلكناهم بالريح إن في ذلك لآية يقول: إن في هلاكهم بالريح لعبرة لمن بعدهم من هذه الأمة، فيحذروا مثل عقوبتهم، ثم قال سبحانه: وما كان أكثرهم مؤمنين ولو كان أكثرهم مؤمنين لم يعذبوا في الدنيا، وإن ربك لهو العزيز في نقمته من أعدائه حين أهلكهم بالريح الرحيم بالمؤمنين حين أنجاهم.

التالي السابق


الخدمات العلمية