كذبت قوم نوح المرسلين إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون إني لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين فاتقوا الله وأطيعون قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون قال وما علمي بما كانوا يعملون إن حسابهم إلا على ربي لو تشعرون وما أنا بطارد المؤمنين إن أنا إلا نذير مبين قالوا لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين قال رب إن قومي كذبون فافتح بيني وبينهم فتحا ونجني ومن معي من المؤمنين فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون ثم أغرقنا بعد الباقين إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم
كذبت قوم نوح المرسلين يعني كذبوا نوحا وحده، نظيرها في اقتربت الساعة إذ قال لهم أخوهم نوح ليس بأخيهم في الدين، ولكن أخوهم في النسب ألا تتقون يعني ألا تخشون الله عز وجل.
إني لكم رسول أمين فيما بينكم وبين ربكم فاتقوا الله يعني فاعبدوا الله وأطيعون فيما آمركم به من النصيحة وما أسألكم عليه من أجر يعني جعلا، وذلك أنهم قالوا للأنبياء: إنما تريدون أن تملكوا علينا في أموالنا، فردت عليهم الأنبياء، فقالوا: لا نسألكم عليه من أجر، يعني على الإيمان جعلا.
إن أجري يعني جزائي إلا على رب العالمين فاتقوا الله يعني فاعبدوا الله وأطيعون فيما آمركم به من النصيحة قالوا لنوح أنؤمن لك أنصدقك بقولك واتبعك الأرذلون يعني السفلة.
قال نوح ، عليه السلام: وما علمي بما كانوا يعملون يقول: لم أكن أعلم أن الله يهديهم للإيمان من بينكم ويدعكم، ثم قال نوح ، عليه السلام: إن حسابهم يعني ما جزاء الأرذلين إلا على ربي لو تشعرون . وما أنا بطارد المؤمنين يقول: وما أنا بالذي لا يقبل الإيمان من الذين تزعمون أنهم الأرذلون عندكم إن أنا يعني ما أنا إلا نذير مبين يعني رسول بين قالوا لئن لم تنته يعني لئن لم تسكت يا نوح عنا لتكونن من المرجومين يعني من المقتولين.
قال نوح : رب إن قومي كذبون البعث فافتح بيني وبينهم فتحا يقول: اقض بيني وبينهم قضاء، يعني العذاب، ونجني ومن معي من المؤمنين من الغرق، فنجاه الله عز وجل.
[ ص: 458 ] فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون يعني الموقر من الناس والطير والحيوان كلها، من كل صنف ذكر وأنثى، ثم أغرقنا بعد أهل السفينة الباقين يعني من بقي منهم ممن لم يركب السفينة إن في ذلك لآية يقول: إن في هلاك قوم نوح لعبرة لمن بعدهم من هذه الأمة، ليحذروا مثل عقوبتهم، ثم قال تعالى: وما كان أكثرهم مؤمنين يعني مصدقين بتوحيد الله عز وجل، يقول: كان أكثرهم كافرين بالتوحيد، ولو كان أكثرهم مؤمنين لم يعذبوا في الدنيا.
ثم قال سبحانه: وإن ربك لهو العزيز في نقمته منهم بالغرق الرحيم بالمؤمنين إذ نجاهم من الغرق، إنما ذكر الله تعالى لما كذب كفار تكذيب الأمم الخالية رسلهم، قريش النبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة، أخبر الله عز وجل النبي صلى الله عليه وسلم أنه أرسله كما أرسل نوحا وهودا وصالحا ولوطا وشعيبا، فكذبهم قومهم، فكذلك أنت يا محمد ، وذكر عقوبة الذين كذبوا رسلهم؛ لئلا يكذب كفار قريش محمدا صلى الله عليه وسلم، فحذرهم مثل عذاب الأمم الخالية.