كذب أصحاب الأيكة المرسلين إذ قال لهم شعيب ألا تتقون إني لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين وزنوا بالقسطاس المستقيم ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين واتقوا الذي خلقكم والجبلة الأولين قالوا إنما أنت من المسحرين وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين فأسقط علينا كسفا من السماء إن كنت من الصادقين قال ربي أعلم بما تعملون فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم
كذب أصحاب الأيكة يعني غيطة الشجر، كان أكثر الشجر الدوم، وهو المقل المرسلين يعني كذبوا شعيبا، عليه السلام، وحده، وشعيب بن نويب بن مدين بن إبراهيم خليل الرحمن .
[ ص: 463 ] إذ قال لهم شعيب ولم يكن شعيب من نسبهم، فلذلك لم يقل عز وجل أخوهم شعيب، وقد كان أرسل إلى أمة غيرهم أيضا إلى ولد مدين، وشعيب من نسائهم، فمن ثم قال في هذه السورة: إذ قال لهم شعيب ولم يقل أخوهم، لأنه ليس من نسلهم، ألا تتقون يقول: ألا تخشون الله عز وجل ؟ إني لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون فيما آمركم به من النصيحة وما أسألكم عليه يعني على الإيمان من أجر يعني من جعل إن أجري يعني ما جزائي إلا على رب العالمين . أوفوا الكيل ولا تنقصوه ولا تكونوا من المخسرين يعني من المنقصين للكيل وزنوا بالقسطاس المستقيم يعني بالميزان المستقيم، والميزان بلغة الروم القسطاس، ولا تبخسوا الناس أشياءهم يقول: ولا تنقصوا الناس حقوقهم في الكيل والميزان. ولا تعثوا في الأرض يعني ولا تسعوا في الأرض مفسدين بالمعاصي.
واتقوا يقول: واخشوا أن يعذبكم في الدنيا الذي خلقكم "و" خلق والجبلة يعني الخليقة الأولين يعني الأمم الخالية الذين عذبوا في الدنيا: قوم نوح وصالح، وقوم لوط .
قالوا إنما أنت من المسحرين يعني أنت بشر مثلنا لست بملك، ولا رسول، فذلك قوله سبحانه: وما أنت إلا بشر مثلنا لا تفضلنا في شيء فنتبعك، وإن نظنك يقول: وقد نحسبك يا شعيب، لمن الكاذبين يعني حين تزعم أنك نبي رسول.
فأسقط علينا كسفا يعني جانبا من السماء إن كنت من الصادقين بأن العذاب نازل بنا لقوله في هود: وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط . قال شعيب: ربي أعلم من غيره بما تعملون من نقصان الكيل والميزان، فكذبوه بالعذاب، فأخذهم عذاب يوم الظلة وذلك أن الله عز وجل كان حبس عنهم الريح والظل، فأصابهم حر شديد، فخرجوا من [ ص: 464 ] منازلهم، فرفع الله عز وجل سحابة فيها عذاب بعد ما أصابهم الحر سبعة أيام، فانقلبوا ليستظلوا تحتها، فأهلكهم الله عز وجل حرا وغما تحت السحابة، فذلك قوله عز وجل: إنه كان عذاب يوم عظيم لشدته.