إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين وإنه لفي زبر الأولين أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل ولو نزلناه على بعض الأعجمين فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين كذلك سلكناه في قلوب المجرمين لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الأليم فيأتيهم بغتة وهم لا يشعرون فيقولوا هل نحن منظرون أفبعذابنا يستعجلون أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون
إن في ذلك لآية إن في هلاكهم بالحر والغم لعبرة لمن بعدهم، يحذر كفار مكة أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ثم قال عز وجل: وما كان أكثرهم مؤمنين يعني لو كان أكثرهم مؤمنين ما عذبوا في الدنيا وإن ربك لهو العزيز في نقمته من أعدائه الرحيم بالمؤمنين.
وإنه لتنزيل رب العالمين وذلك أنه لما قال كفار مكة: إن محمدا صلى الله عليه وسلم يتعلم القرآن من أبي فكيهة ، ويجيء به الري، وهو شيطان، فيلقيه على لسان محمد صلى الله عليه وسلم، فأكذبهم الله تعالى، فقال عز وجل: وإنه لتنزيل رب العالمين يعني القرآن نزل به الروح الأمين يعني جبريل، عليه السلام، أمين فيما استودعه الله عز وجل من الرسالة إلى الأنبياء، عليهم السلام، نزله على قلبك ليثبت به قلبك يا محمد ، لتكون من المنذرين . أنزله بلسان عربي مبين ليفقهوا ما فيه لقوله، إنما يعلمه أبو فكيهة ، وكان أبو فكيهة أعجميا، ثم قال سبحانه: وإنه لفي زبر الأولين يقول محمد صلى الله عليه وسلم ونعته في كتب الأولين. أمر
ثم قال: أولم يكن محمد صلى الله عليه وسلم لهم آية يعني لكفار مكة أن يعلمه علماء بني إسرائيل يعني وأصحابه، ابن سلام ولو نزلناه يعني القرآن على بعض الأعجمين [ ص: 465 ] يعني أبا فكيهة ، يقول: لو أنزلناه على رجل ليس بعربي اللسان فقرأه عليهم على كفار مكة ، لقالوا: ما نفقه قوله، ما كانوا به مؤمنين يعني بالقرآن مصدقين بأنه من الله عز وجل، كذلك سلكناه يعني هكذا جعلنا الكفر بالقرآن في قلوب المجرمين . لا يؤمنون به يعني بالقرآن حتى يروا العذاب الأليم يعني الوجيع، فيأتيهم العذاب بغتة يعني فجأة وهم لا يشعرون فيتمنون الرجعة والنظرة، فذلك قوله سبحانه: فيقولوا يعني كفار مكة هل نحن منظرون فنعتب ونراجع، فلما أوعدهم النبي صلى الله عليه وسلم العذاب، قالوا: فمتى هذا العذاب ؟ تكذيبا به.
يقول الله عز وجل: أفبعذابنا يستعجلون أفرأيت إن متعناهم سنين في الدنيا ثم جاءهم بعد ذلك العذاب ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم من العذاب ما كانوا يمتعون في الدنيا.