الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون  ذكرى وما كنا ظالمين  وما تنزلت به الشياطين  وما ينبغي لهم وما يستطيعون إنهم عن السمع لمعزولون  فلا تدع مع الله إلها آخر فتكون من المعذبين  وأنذر عشيرتك الأقربين  واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين  فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون  وتوكل على العزيز الرحيم  الذي يراك حين تقوم  وتقلبك في الساجدين  إنه هو السميع العليم  

ثم خوفهم، فقال سبحانه: وما أهلكنا من قرية فيما خلا بالعذاب في الدنيا إلا لها منذرون يعني رسلا تنذرهم العذاب بأنه نازل بهم في الدنيا ذكرى يقول: العذاب يذكر ويفكر، وما كنا ظالمين فنعذب على غير ذنب كان منهم ظلما، قالت قريش: إنه يجيء بالقرآن الري، يعنون الشيطان، فيلقيه على لسان محمد صلى الله عليه وسلم، فكذبوه بما جاء به.

[ ص: 466 ] فأنزل الله عز وجل: وما تنزلت به الشياطين وما ينبغي لهم أن ينزلوا بالقرآن وما يستطيعون لأنه حيل بينهم وبين السمع بالملائكة والشهب، وذلك أنهم كانوا يستمعون إلى السماء قبل أن يبعث النبي صلى الله عليه وسلم، فلما بعث رمتهم الملائكة بالشهب فذلك قوله سبحانه: إنهم عن السمع لمعزولون بالملائكة والكواكب فلا تدع يعني مع الله إلها آخر وذلك حين دعي إلى دين آبائه، فقال: لا تدع يعني فلا تعبد مع الله إلها آخر فتكون من المعذبين وأنذر عشيرتك الأقربين لما نزلت هذه الآية قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إني أرسلت إلى الناس عامة، وأرسلت إليكم يا بني هاشم، وبني المطلب خاصة، " وهم الأقربون، وهما أخوان ابنا عبد مناف.

واخفض جناحك يعني لين لهم جناحك لمن اتبعك من المؤمنين فإن عصوك يعني بني هاشم، وبني عبد المطلب، فلم يجيبوك إلى الإيمان فقل إني بريء مما تعملون من الشرك والكفر.

وتوكل يعني وثق بالله عز وجل على العزيز في نقمته الرحيم بهم حين لا يعجل عليهم بالعقوبة، وذلك حين دعي إلى ملة آبائه، ثم قال سبحانه: الذي يراك حين تقوم وحدك إلى الصلاة.

وتقلبك يعني ويرى ركوعك وسجودك وقيامك، فهذا التقلب في الساجدين يعني ويراك مع المصلين في جماعة إنه هو السميع لما قالوا حين دعي إلى دين آبائه العليم بما قال كفار مكة .

التالي السابق


الخدمات العلمية