الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
هل أنبئكم على من تنزل الشياطين  تنزل على كل أفاك أثيم يلقون السمع وأكثرهم كاذبون  والشعراء يتبعهم الغاوون  ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون  

[ ص: 467 ] هل أنبئكم على من تنزل الشياطين لقولهم: إنما نجيء به الري فيلقيه على لسان محمد صلى الله عليه وسلم تنزل على كل أفاك يعني كذاب أثيم بربه منهم مسيلمة الكذاب ، وكعب بن الأشرف ، يلقون السمع يقول: تلقي الشياطين بآذانهم إلى السمع في السماء لكلام الملائكة، وذلك أن الله عز وجل إذا أراد أمرا في أهل الأرض أعلم به أهل السماوات من الملائكة، فتكلموا به، فتسمع الشياطين لكلام الملائكة، وترميهم بالشهب فيخطفون الخطفة، ثم قال عز وجل: وأكثرهم كاذبون يعني الشياطين حين يخبرون الكهنة أنه يكون في الأرض كذا وكذا.

ثم قال سبحانه: والشعراء يتبعهم الغاوون منهم عبد الله بن الزبعرى السهمي ، وأبو سفيان بن عبد المطلب ، وهبيرة بن أبي وهب المخزومي ، ومشافع بن عبد مناف عمير الجمحي ، وأبو عزة اسمه عمرو بن عبد الله ، كلهم من قريش، وأمية بن أبي الصلت الثقفي ، تكلموا بالكذب والباطل، وقالوا: نحن نقول مثل قول محمد صلى الله عليه وسلم قالوا الشعر، واجتمع إليهم غواة من قومهم يستمعون من أشعارهم، ويروون عنهم، حتى يهجون.

فذلك قوله عز وجل: ألم تر أنهم في كل واد يهيمون يعني في كل طريق، يعني في كل فن من الكلام يأخذون، وأنهم يقولون ما لا يفعلون . فعلنا وفعلنا وهم كذبة، فاستأذن شعراء المسلمين أن يقتصوا من المشركين منهم عبد الله بن رواحة ، وحسان بن ثابت ، وكعب بن مالك ، من بني سلمة بن خثم، كلهم من الأنصار، فأذن لهم النبي صلى الله عليه وسلم فهجوا المشركين، ومدحوا النبي صلى الله عليه وسلم: فأنزل الله تعالى: والشعراء يتبعهم الغاوون إلى آخر آيتين.

ثم استثنى عز وجل شعراء المسلمين،  فقال: إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا على المشركين من بعد ما ظلموا يقول: انتصر شعراء المسلمين من شعراء المشركين، فقال: وسيعلم الذين ظلموا يعني أشركوا أي منقلب ينقلبون يقول: ينقلبون في الآخرة إلى الخسران.

حدثنا عبيد الله بن ثابت ، قال: حدثني أبي، عن الهذيل ، عن رجل، عن الفضيل بن عيسى الرقاشي ، قال: بلسان عربي مبين ، قال: فضله على الألسن.

[ ص: 468 ] قال الهذيل: سمعت المسيب يحدث عن أبي روق ، قال: كانت ناقة صالح عليه السلام،  يوضع لها الإناء فتدر فيه اللبن.

حدثنا عبد الله ، قال: حدثني أبي، عن الهذيل ، عن علي بن عاصم ، عن الفضل بن عيسى الرقاشي ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: " لما كلم الله عز وجل موسى ، عليه السلام، فوق الطور،  فسمع كلاما فوق الكلام الأول، فقال: يا رب هذا كلامك الذي كلمتني به ؟ قال: لا يا موسى ، إنما كلمتك بقوة عشرة آلاف لسان، ولي قوة الألسن كلها، وأنا أقوى من ذلك، فلما رجع موسى، عليه السلام، إلى قومه، قالوا: يا موسى ، صف لنا كلام الرحمن ؟ قال: سبحان الله، لا أستطيع، قالوا: فشبهه، قال: ألم تروا إلى أصوات الصواعق التي تقتل بأحلى حلاوة إن سمعتموه، فإنه قريب منه، وليس به ".

[ ص: 469 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية