الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى آلله خير أما يشركون  أمن خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإله مع الله بل هم قوم يعدلون  أمن جعل الأرض قرارا وجعل خلالها أنهارا وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزا أإله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون  أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذكرون  أمن يهديكم في ظلمات البر والبحر ومن يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته أإله مع الله تعالى الله عما يشركون  أمن يبدأ الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء والأرض أإله مع الله قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين  

[ ص: 482 ] و قل يا محمد الحمد لله في هلاك الأمم الخالية، يعني ما ذكر في هذه السورة من هلاك فرعون وقومه، وثمود، وقوم لوط ، وقل: الحمد لله الذي علمك هذا الأمر الذي ذكر، ثم قال: وسلام على عباده الذين اصطفى يعني الذين اختارهم الله عز وجل لنفسه للرسالة، فسلام الله على الأنبياء، عليهم السلام، ثم قال الله عز وجل: آلله خير أما يشركون له، يقول: الله تبارك وتعالى أفضل أم الآلهة التي تعبدونها ؟ يعني كفار مكة كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قرأ هذه الآية، قال: "بل، الله خير وأبقى، وأجل وأكرم".

أمن خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق يعني حيطان النخل والشجر ذات بهجة يعني ذات حسن ما كان لكم يعني ما ينبغي لكم أن تنبتوا شجرها فتجعلوا للآلهة نصيبا مما أخرج الله عز وجل لكم من الأرض بالمطر، ثم قال سبحانه استفهام: أإله مع الله يعينه على صنعه جل جلاله، ثم قال تعالى: بل هم قوم يعدلون يعني يشركون، يعني كفار مكة .

ثم قال سبحانه: أمن جعل الأرض قرارا يعني مستقرا لا تميد بأهلها وجعل خلالها يعني فجر نواحي الأرض أنهارا فهي تطرد، وجعل لها رواسي يعني الجبال، فتثبت بها الأرض لئلا تزول بمن على ظهرها، وجعل بين البحرين الماء المالح والماء العذب حاجزا حجز الله عز وجل بينهما بأمره، فلا يختلطان، أإله مع الله يعينه على صنعه عز وجل، بل أكثرهم يعني لكن أكثرهم، يعني أهل مكة لا يعلمون بتوحيد ربهم.

أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء يعني الضر ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله يعينه على صنعه قليلا ما تذكرون يقول: ما أقل ما تذكرون أمن يهديكم في ظلمات يقول: أم من يرشدكم في أهوال البر والبحر ومن يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته يقول: يبسط السحاب قدام المطر، كقوله في عسق: وينشر رحمته ، يعني ويبسط رحمته بالمطر، أإله مع الله يعينه على صنعه عز وجل، ثم قال: تعالى الله يعني ارتفع الله.

[ ص: 483 ] يعظم نفسه جل جلاله عما يشركون به من الآلهة.

ثم قال تعالى: أمن يبدأ الخلق ثم يعيده يقول: من بدأ الخلق فخلقهم، ولم يكونوا شيئا، ثم يعيده في الآخرة، ومن يرزقكم من السماء يعني المطر والأرض يعني النبت أإله مع الله يعينه على صنعه عز وجل، قل لكفار مكة: هاتوا برهانكم يعني هلموا بحجتكم بأنه صنع شيئا من هذا غير الله عز وجل من الآلهة، فتكون لكم الحجة على الله تعالى إن كنتم صادقين بأن مع الله آلهة كما زعمتم، يعني الملائكة.

التالي السابق


الخدمات العلمية