الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون  قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون  فاليوم لا يملك بعضكم لبعض نفعا ولا ضرا ونقول للذين ظلموا ذوقوا عذاب النار التي كنتم بها تكذبون  وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قالوا ما هذا إلا رجل يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباؤكم وقالوا ما هذا إلا إفك مفترى وقال الذين كفروا للحق لما جاءهم إن هذا إلا سحر مبين  وما آتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير  وكذب الذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما آتيناهم فكذبوا رسلي فكيف كان نكير  

[ ص: 68 ] ويوم يحشرهم جميعا الملائكة ومن عبدها ، يعني يجمعهم جميعا في الآخرة ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون يعني عن أمركم عبدوكم ؟ فنزهت الملائكة ربها عز وجل عن الشرك.

فـ قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم ونحن منهم براء إضمار ما أمرنا بعبادتنا بل كانوا يعبدون الجن بل أطاعوا الشيطان في عبادتهم أكثرهم بهم مؤمنون مصدقون بالشيطان.

فاليوم في الآخرة لا يملك بعضكم لبعض نفعا ولا ضرا لا تقدر الملائكة على أن تسوق إلى من عبدها نفعا ، ولا تقدر على أن تدفع عنهم سوءا ونقول للذين ظلموا يأمر الله الخزنة أن تقول للمشركين من أهل مكة : ذوقوا عذاب النار التي كنتم بها تكذبون . وإذا تتلى عليهم آياتنا وإذا قرئ عليهم القرآن بينت ما فيه من الأمر والنهي قالوا ما هذا إلا رجل يعنون النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباؤكم وقالوا ما هذا القرآن إلا إفك كذب مفترى افتراه محمد صلى الله عليه وسلم من تلقاء نفسه وقال الذين كفروا من أهل مكة للحق لما جاءهم يعنون القرآن حين جاءهم إن هذا القرآن إلا سحر مبين . وما آتيناهم يعني وما أعطيناهم من كتب يدرسونها يعني يقرؤونها بأن مع الله شريكا ، نظيرها في الزخرف : أم آتيناهم كتابا ، ونظيرها في الملائكة وما أرسلنا إليهم يعني أهل مكة قبلك من نذير يا محمد من رسول لم ينزل كتاب ، ولا رسول قبل محمد صلى الله عليه وسلم إلى العرب.

ثم قال جل وعز : وكذب الذين من قبلهم يعني الأمم الخالية كذبوا رسلهم قبل كفار مكة وما بلغوا معشار ما آتيناهم وما بلغ كفار مكة ، عشر الذي أعطينا الأمم الخالية من الأموال والعدة والعمر والقوة فكذبوا رسلي فأهلكناهم بالعذاب في الدنيا حين كذبوا الرسل فكيف كان نكير تغييري الشر فاحذروا ، يا أهل مكة مثل عذاب الأمم الخالية.

[ ص: 69 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية