والذي أوحينا إليك من الكتاب هو الحق مصدقا لما بين يديه إن الله بعباده لخبير بصير ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير إن الله عالم غيب السماوات والأرض إنه عليم بذات الصدور هو الذي جعلكم خلائف في الأرض فمن كفر فعليه كفره ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا مقتا ولا يزيد الكافرين كفرهم إلا خسارا قل أرأيتم شركاءكم الذين تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات أم آتيناهم كتابا فهم على بينت منه بل إن يعد الظالمون بعضهم بعضا إلا غرورا
والذي أوحينا إليك من الكتاب هو الحق مصدقا لما بين يديه يقول : إن قرآن محمد صلى الله عليه وسلم يصدق ما قبله من الكتب التي أنزلها الله عز وجل على الأنبياء ، عليهم السلام إن الله بعباده لخبير بأعمالهم بصير بها.
ثم أورثنا الكتاب قرآن محمد صلى الله عليه وسلم الذين اصطفينا اخترنا من عبادنا من هذه الأمة فمنهم ظالم لنفسه أصحاب الكبائر من أهل التوحيد ومنهم مقتصد عدل في قوله ومنهم سابق بالخيرات الذين سبقوا إلى الأعمال الصالحة ، وتصديق الأنبياء بإذن الله بأمر الله عز وجل ذلك هو الفضل الكبير دخول الجنة.
ثم أخبره بثوابهم ، فقال جل وعز : جنات عدن تجري من تحتها الأنهار [ ص: 78 ] يدخلونها هؤلاء الأصناف الثلاثة يحلون فيها من أساور من ذهب بثلاث أسورة ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير وقد حبس الظالم بعد هؤلاء الصنفين؛ السابق والمقتصد ، ما شاء الله من أجل ذنوبهم الكبيرة ، ثم غفرها لهم وتجاوز عنهم ، فأدخلوا الجنة ، فلما دخلوها ، واستقرت بهم الدار حمدوا ربهم من المغفرة ودخول الجنة.
وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن لأنهم لا يدرون ما يصنع الله عز وجل بهم إن ربنا لغفور للذنوب العظام شكور للحسنات وإن قلت ، وهذا قول آخر : شكور للعمل الضعيف القليل ، فهذا قول أهل الكبائر من أهل التوحيد.
ثم قالوا : الحمد لله الذي أحلنا دار المقامة يعني دار الخلود أقاموا فيها أبدا لا يموتون ، ولا يتحولون عنها أبدا من فضله لا يمسنا فيها نصب لا يصيبنا في الجنة مشقة في أجسادنا ولا يمسنا فيها لغوب ولا يصيبنا في الجنة عي لما كان يصيبهم في الدنيا من النصب في العبادة.
والذين كفروا بتوحيد الله لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك هكذا نجزي كل كفور بالإيمان.
وهم يصطرخون فيها يعني يستغيثون فيها ، والاستغاثة أنهم ينادون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل من الشرك ، ثم قيل لهم : أولم نعمركم في الدنيا ما يتذكر فيه في العمر من تذكر وجاءكم النذير الرسول محمد صلى الله عليه وسلم فذوقوا العذاب فما للظالمين من نصير ما للمشركين من مانع يمنعهم من الله عز وجل.
إن الله عالم غيب السماوات والأرض يعلم ما يكون فيهما ، وغيب ما في قلوبهم أنهم لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه إنه عليم بذات الصدور بما في القلوب.
هو الذي جعلكم خلائف في الأرض من بعد الأمم الخالية فمن كفر بتوحيد الله فعليه عاقبة كفره ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا مقتا يقول : الكافر لا يزداد في طول العمل إلا ازداد الله جل وعز له بغضا ، ثم قال جل وعز : ولا يزيد الكافرين كفرهم إلا خسارا لا يزداد الكافرون في طول العمل إلا ازدادوا بكفرهم خسارا.
[ ص: 79 ] قل يا محمد لكفار مكة أرأيتم شركاءكم مع الله يعني الملائكة الذين تدعون يعني تعبدون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض يقول : ماذا خلقت الملائكة في الأرض كما خلق الله عز وجل إن كانوا آلهة أم لهم يعني أم لهم : الملائكة شرك مع الله عز وجل في سلطانه في السماوات أم آتيناهم كتابا فهم على بينت منه يقول : هل أعطينا كفار مكة فهم على بينة منه بأن مع الله عز وجل شريكا من الملائكة ، ثم استأنف ، فقال : بل إن يعد ما يعد الظالمون بعضهم بعضا إلا غرورا ما يعد الشيطان كفار بني آدم من شفاعة الملائكة لهم في الآخرة إلا باطلا.