وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ثم ادعهن يأتينك سعيا واعلم أن الله عزيز حكيم
وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحي الموتى الآية .
قال يحيى : بلغنا أن إبراهيم عليه السلام خرج يسير على حمار له ؛ فإذا هو بجيفة دابة يقع عليها طير السماء ، فيأخذ منها بضعة بضعة ، وتأتيها سباع البر ؛ فتأخذ منها عضوا عضوا ، ويقع من أفواه الطير اللحم ، فتأخذه الحيتان .
فقام إبراهيم عليه السلام متعجبا ، فقال : يا رب ، أرني كيف تحيي الموتى ؟ ! قال أولم تؤمن قال بلى يا رب ، قد آمنت ، ولكن لأعلم ؛ حتى يطمئن قلبي - يعني : يسكن - كيف تجمع لحم هذه الدابة بعد ما أرم .
فقال له : فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك قال يعني : [ ص: 256 ] فضمهن إليك ؛ تقول : صرت الشيء فانصار ؛ أي : أملته فمال . محمد : ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا قال يعني : فقطعهن ، ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ؛ فاختصر (فقطعهن) . محمد : ثم ادعهن يأتينك قل : تعالين بإذن الله يأتينك سعيا أي : مشيا على أرجلهن .
قال يحيى : فأخذ أربعة أطيار مختلفة ألوانها وأسماؤها وريشها ، أخذ ديكا وطاووسا وحمامة وغرابا ؛ فقطع أعناقها ، ثم خلط ريش بعضها ببعض ، ودماء بعضها ببعض ، ثم فرق بينها على أربعة أجبل ؛ فنوديت من السماء بالوحي أيتها العظام المتفرقة ، وأيتها اللحوم المتمزقة ، وأيتها العروق المتقطعة اجتمعي يرجع الله فيك أرواحك ، فجعل يجري الدم إلى الدم ، وتطير الريشة إلى الريشة ، ويثب العظم إلى العظم ، فعلق عليها رءوسها ، وأدخل فيها أرواحها ؛ فقيل : يا إبراهيم إن الله حين خلق الأرض وضع بيته في وسطها ، وجعل الأرض أربع زوايا ، والبيت أربعة أركان ؛ كل ركن في زاوية من زوايا الأرض ؛ فأرسل عليها من السماء أربعة أرياح : الشمال ، والجنوب ، والدبور ، والصبا ؛ فإذا نفخ في الصور يوم القيامة ، اجتمعت أجساد القتلى والهلكى من أربعة أركان الأرض ، وأربع زواياها كما اجتمعت أربعة [ ص: 257 ] أطيار من أربعة أجبل .