الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم وأنهم إليه راجعون  يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين  واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون  وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم  وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون  

                                                                                                                                                                                                                                      الذين يظنون [يعلمون] إنهم ملاقو ربهم .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : الظن في كلام العرب بمعنيين : شك ويقين ؛ قال دريد بن الصمة :

                                                                                                                                                                                                                                      (فقلت لهم ظنوا بألفي مقاتل سراتهم بالفارسي المسرد)

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى ظنوا : أي : أيقنوا .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : وأني فضلتكم على العالمين قال قتادة : يعني : أهل زمانهم واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا أي : لا تغني .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : يقال : جزى عني فلان ، بلا همز ؛ أي : ناب عني ، وأجزأني : كفاني . ولا يقبل منها شفاعة أي : لا تكون الشفاعة إلا للمؤمنين ولا يؤخذ منها عدل [ ص: 139 ] أي : لا يقبل منها فداء ولا هم ينصرون أي : لا أحد ينتصر لهم .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : إنما يقال للفداء : عدل ؛ لأنه مثل للشيء ؛ يقال : هذا عدل هذا وعديله ؛ والعدل - بكسر العين - هو : ما حمل على الظهر .

                                                                                                                                                                                                                                      وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم يلونكم سوء العذاب أي : أشده يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم فلا يقتلونهن وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم يعني : إذ نجاكم منه .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : البلاء يتصرف في النقل على وجوه ؛ وهو ها هنا النعمة . وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون [ماتوا] وفرعون فيهم وأنتم تنظرون يعني : أوليهم .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد في قوله : وإذ فرقنا بكم البحر هو كقوله : فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم . [ ص: 140 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية