ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك وأرسلناك للناس رسولا وكفى بالله شهيدا
[ ص: 388 ] ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم الآية . قال الكلبي : كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم بمكة قبل أن يهاجر إلى المدينة ، وكانوا يلقون من المشركين أذى كثيرا ؛ فقالوا : يا نبي الله ألا تأذن لنا في قتال (هؤلاء القوم) ؛ فإنهم قد آذونا ؟ فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : (كفوا أيديكم عنهم ؛ فإني لم أؤمر بقتالهم) فلما هاجر رسول الله عليه السلام و [سار] إلى بدر عرفوا أنه القتال كرهوا ، أو بعضهم .
قال الله : فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا هلا أخرتنا إلى أجل قريب إلى الموت .
قال الله للنبي : قل متاع الدنيا قليل أي : إنكم على كل حال ميتون ، والقتل خير لكم .
ثم أخبرهم - ليعزيهم ويصبرهم - فقال : أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة قال يعني : في قصور محصنة . قتادة :
قال الحسن : ثم ذكر المنافقين خاصة فقال : وإن تصبهم حسنة النصر والغنيمة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة نكبة من العدو يقولوا هذه من عندك أي : إنما أصابنا هذا عقوبة مذ خرجت فينا ؛ يتشاءمون به . قل كل من عند الله النصر على الأعداء والنكبة . فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا ما أصابك من حسنة [ ص: 389 ] [فظهرت بها على المشركين] فمن الله وما أصابك من سيئة من نكبة نكبوا بها يوم أحد فمن نفسك أي : بذنوبهم ، وكانت عقوبة من الله ؛ بمعصيتهم رسول الله ؛ حيث اتبعوا المدبرين .