الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد  من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد  يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ  مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شيء ذلك هو الضلال البعيد  ألم تر أن الله خلق السماوات والأرض بالحق إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد  وما ذلك على الله بعزيز  

                                                                                                                                                                                                                                      واستفتحوا يعني : الرسل ؛ أي : دعوا على قومهم ، حين استيقنوا أنهم لا يؤمنون .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : معنى (استفتحوا) : سألوا الله أن يفتح لهم ؛ أي : ينصرهم ، وكل نصر هو فتح ، وهو معنى قول يحيى .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 365 ] وخاب أي : خسر كل جبار عنيد الجبار : المتكبر ، والعنيد : المجانب للقصد .

                                                                                                                                                                                                                                      من ورائه جهنم أي : من بعد هذا العذاب الذي كان في الدنيا جهنم أي : عذاب جهنم . وقد قيل : من ورائه أي : من أمامه .

                                                                                                                                                                                                                                      ويسقى من ماء صديد الصديد : ما يسيل من جلود أهل النار من القيح والدم  يتجرعه ولا يكاد يسيغه من كراهيته له ، وهو يسيغه لا بد له منه ، فتتقطع أمعاؤه .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد معنى (يسيغه) : يبتلعه .

                                                                                                                                                                                                                                      ويأتيه الموت من كل مكان وهي النار ، ولكن الله قضى عليهم ألا يموتوا ، هذا تفسير الحسن .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن ورائه عذاب غليظ كقوله : فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا .

                                                                                                                                                                                                                                      (مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الرياح في يوم عاصف) يعني : مما عملوا من حسن على سيئ في الآخرة ، قد جوزوا به في الدنيا ألم تر أن الله خلق السماوات والأرض بالحق أي : يصير الأمر إلى البعث والحساب والجنة والنار إن يشأ يذهبكم يستأصلكم بالعذاب ويأت بخلق جديد أي : آخرين وما ذلك على الله بعزيز أي : لا يشق عليه .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 366 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية