الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء  تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون  ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء  

                                                                                                                                                                                                                                      ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة هي لا إله إلا الله كشجرة طيبة وهي النخلة ، وهي مثل المؤمن أصلها ثابت في الأرض وفرعها في السماء أي : رأسها الذي تكون فيه الثمرة تؤتي أكلها ثمرتها كل حين بإذن ربها أي : بأمره ، تفسير الحسن : يقول : إن المؤمن لا يزال منه كلام طيب وعمل صالح ؛ كما تؤتي هذه الشجرة أكلها في كل حين .

                                                                                                                                                                                                                                      قال يحيى : (والحين) في تفسير بعضهم : السنة ، وهي تؤكل شتاء وصيفا .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : (الحين) في اللغة : اسم وقت من أوقات الزمان يستعمل فيما طال وقصر . ومثل كلمة خبيثة الشرك كشجرة خبيثة يعني : الحنظلة اجتثت من فوق الأرض أي : قطعت من أعلى الأرض ما لها من قرار أي : ليس لأصلها ثبات في الأرض ؛ فذلك مثل عمل الكافر ، ليس لعمله الحسن أصل [ ص: 369 ] ثابت يجزى به في الآخرة .

                                                                                                                                                                                                                                      يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة تفسير ابن عباس : قال : إن المؤمن إذا وضع في قبره ، ورجع عنه أصحابه أتاه ملك فأجلسه ، ثم يقول له : من ربك ؟ فيقول : الله ، ثم يقول : فما دينك ؟ فيقول : الإسلام ، ثم يقول : فمن نبيك ؟ فيقول : محمد ، فيقال له : صدقت ، ثم يفتح له باب إلى النار ، فيقال له : انظر هذه النار التي لو أنك كنت كذبت صرت إليها ؛ قد أعاذك الله منها ، ثم يفتح له باب إلى الجنة فيقال له : انظر هذه الجنة ، ويعرض عليه منزله فيها ثم يوسع له قبره ، فلا يزال يأتيه من ريح الجنة وبردها حتى تأتيه الساعة . وإن الكافر إذا وضع في قبره ، ورجع عنه أصحابه أتاه ملك فأجلسه ، فقال له : من ربك ؟ فيقول : لا أدري . ثم يقول له : ما دينك ؟ فيقول : لا أدري! ثم يقول : من نبيك ؟ فيقول له : لا أدري . فيقول له : لا دريت ، ثم يفتح له باب إلى الجنة فينظر إليها ، ثم يقال له : هذه الجنة التي لو كنت آمنت بالله ورسوله صرت إليها ، لن تراها أبدا . ثم يفتح له باب إلى النار ، فيقال له : هذه النار التي أنت صائر إليها ، ثم يضيق عليه قبره ، ثم يضرب ضربة لو أصابت جبلا فيصيح عند ذلك صيحة يسمعها كل شيء إلا الثقلين . قال : فهو قوله : يثبت الله الذين آمنوا الآية " .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 370 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية