وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال
قوله : وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب أي : أنذرهم ذلك اليوم .
ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك سألوا الرجعة إلى الدنيا حتى يؤمنوا .
قال الله : أولم تكونوا أقسمتم من قبل أي : في الدنيا ما لكم من زوال من الدنيا إلى الآخرة .
ثم انقطع الكلام ، ثم قال للذين بعث فيهم محمد : وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم بشركهم ؛ يعني : من أهلك من الأمم السابقة وتبين لكم كيف فعلنا بهم كيف أهلكناهم ؛ يخوفهم بذلك وضربنا لكم الأمثال يعني : وصفنا لكم عذاب الأمم الخالية ؛ يخوف كفار مكة .
وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم أي : محفوظ لهم ؛ حتى يجازيهم به وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال وهي في مصحف : (وما كان مكرهم لتزول منه الجبال) تفسير ابن مسعود الكلبي : قال : " إن نمروذ الذي بنى الصرح ببابل ، أراد أن يعلم علم السماء ؛ فعمد إلى تابوت فجعل فيه غلاما ، ثم عمد إلى نسور أربعة فأجاعها ، ثم ربط كل نسر بقائمة من قوائم التابوت ، [ ص: 376 ] ثم رفع لهما لحما في أعلى التابوت ، فجعل الغلام يفتح الباب الأعلى ، فينظر إلى السماء فيراها كهيئتها ، ثم يفتح الباب الأسفل فينظر إلى الأرض فيراها مثل اللجة ، فلم يزل كذلك حتى جعل ينظر فلا يرى الأرض وإنما هو الهواء ، وينظر فوق فيرى السماء كهيئتها ، فلما رأى ذلك صوب اللحم فتصوبت النسور ، فيقال -والله أعلم- : إنه مر بجبل فخاف الجبل أن يكون أمرا من الله ، فكاد يزول من مكانه ، فذلك قوله : وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال " .