وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلا ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا
قوله : وآتينا موسى الكتاب التوراة وجعلناه هدى لبني إسرائيل يعني : لمن آمن به ألا تتخذوا من دوني وكيلا يعني : ربا ، في تفسير بعضهم ذرية من حملنا مع نوح أي : يا ذرية ؛ لذلك انتصب .
وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب أي : أعلمناهم لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا يعني : لتقهرن قهرا شديدا فإذا جاء وعد أولاهما يعني : أولى العقوبتين بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار قال : عوقب القوم على علوهم وفسادهم ، فبعث عليهم في الأولى قتادة جالوت الخزري ، فسبى وقتل وجاسوا خلال الديار .
[ ص: 13 ] قال : معنى (جاسوا) : طافوا ؛ الجوس طلب الشيء باستقصاء . محمد وكان وعدا مفعولا كائنا ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا أي : عددا ؛ ففعل ذلك بهم في زمان داوود يوم طالوت .
فإذا جاء وعد الآخرة يعني : آخر العقوبتين ليسوءوا وجوهكم وهي تقرأ (ليسوء) أي : ليسوء الله وجوهكم وليدخلوا المسجد يعني : بيت المقدس كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا أي : وليفسدوا ما غلبوا عليه إفسادا ؛ يقال : إن إفسادهم الثاني قتل يحيى بن زكريا ، فبعث الله عليهم بختنصر ، عدا به عليهم ؛ فخرب بيت المقدس ، وسبى وقتل منهم سبعين ألفا .
عسى ربكم أن يرحمكم قال : فعاد الله بعائدته قال : قتادة وإن عدتم عدنا عليكم بالعقوبة ، قال الحسن : (أعاده) عليهم بمحمد فأذلهم بالجزية . وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا قال : يعني : سجنا . قتادة
[ ص: 14 ]