الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون  وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون  

                                                                                                                                                                                                                                      قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم يعني : يغضون أبصارهم عن جميع المعاصي ، (من) هاهنا صلة زائدة .

                                                                                                                                                                                                                                      يحيى : عن حماد بن سلمة ، عن يونس بن عبيد ، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير البجلي ، عن أبيه قال : " سألت رسول الله عليه السلام عن النظر فجأة ،  فقال : اصرف بصرك " .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 230 ] قوله : ويحفظوا فروجهم عما لا يحل لهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن عما لا يحل لهن من النظر ويحفظن فروجهن مما لا يحل لهن ، وهذا في الأحرار والمماليك ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وهذا في الحرائر . تفسير ابن عباس وقتادة : ما ظهر منها : هو الكحل والخاتم .  وتفسير ابن مسعود والحسن : هي الثياب .

                                                                                                                                                                                                                                      قال يحيى : وهذه في الحرائر ، وأما الإماء فقد حدثنا سعيد وعثمان ، عن [ ص: 231 ] قتادة ، عن أنس بن مالك " أن عمر بن الخطاب رأى أمة عليها قناع ، فضربها بالدرة -في حديث سعيد . وقال عثمان : فتناولها بالدرة- وقال : اكشفي عن رأسك . وقال سعيد : ولا تشبهي بالحرائر " .

                                                                                                                                                                                                                                      وليضربن بخمرهن على جيوبهن تسدل الخمار على جيبها تستر به نحرها ولا يبدين زينتهن وهذه الزينة الباطنة إلا لبعولتهن يعني : أزواجهن إلى قوله : أو نسائهن يعني : المسلمات يرين منها ما يرى ذو المحرم ، ولا ترى ذلك منها اليهودية ولا النصرانية ولا المجوسية أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة يعني : الحاجة إلى النساء ، تفسير قتادة : هو الرجل الأحمق الذي لا تشتهيه المرأة ، ولا يغار عليه الرجل .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : من قرأ (غير) بالخفض ، فعلى أنه صفة للتابعين ، [ ص: 232 ] المعنى : لكل تابع غير أولي الإربة ، ومن نصب (غير) فعلى الحال ، المعنى : أو التابعين لا مريدين النساء في هذه الحال .

                                                                                                                                                                                                                                      قال يحيى : فهذه ثلاث حرم بعضها أعظم من بعض ، منهن الزوج الذي يحل له كل شيء [منها] فهذه حرمة ليست لغيره .

                                                                                                                                                                                                                                      ومنهن : الأب ، والابن ، والأخ ، والعم ، والخال ، وابن الأخ ، وابن الأخت ، والرضاع في هذا بمنزلة النسب ؛ فلا يحل لهؤلاء في تفسير الحسن أن ينظروا إلى الشعر والصدر والساق وأشباه ذلك . وقال ابن عباس : ينظرون إلى موضع القرطين والقلادة والسوارين والخلخالين .

                                                                                                                                                                                                                                      وحرمة ثالثة فيهم أبو الزوج ، وابن الزوج ، والتابع غير أولي الإربة ومملوك المرأة ؛ لا بأس أن تقوم بين يدي هؤلاء في درع صفيق وخمار صفيق بغير جلباب .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء قال قتادة : يعني : من لم يبلغ الحلم ولا النكاح .

                                                                                                                                                                                                                                      ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن قال قتادة : كانت المرأة تضرب برجليها إذا مرت بالمجلس ليسمع قعقعة الخلخالين ، فنهين عن ذلك . وتوبوا إلى الله جميعا من ذنوبكم أيه المؤمنون لعلكم تفلحون لكي تفلحوا فتدخلوا الجنة .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 233 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية