الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون  ونجيناه وأهله من الكرب العظيم  وجعلنا ذريته هم الباقين  وتركنا عليه في الآخرين سلام على نوح في العالمين إنا كذلك نجزي المحسنين  إنه من عبادنا المؤمنين ثم أغرقنا الآخرين  وإن من شيعته لإبراهيم  إذ جاء ربه بقلب سليم  إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون أئفكا آلهة دون الله تريدون  فما ظنكم برب العالمين  فنظر نظرة في النجوم  فقال إني سقيم فتولوا عنه مدبرين  فراغ إلى آلهتهم فقال ألا تأكلون  ما لكم لا تنطقون فراغ عليهم ضربا باليمين فأقبلوا إليه يزفون

                                                                                                                                                                                                                                      ولقد نادانا نوح يعني : حيث دعا على قومه فلنعم المجيبون له [ ص: 64 ] أجبناه فأهلكناهم ونجيناه وأهله من الكرب العظيم يعني : الغرق .

                                                                                                                                                                                                                                      وجعلنا ذريته هم الباقين فالناس كلهم ولد سام وحام ويافث وتركنا عليه في الآخرين يعني : أبقينا له الثناء الحسن سلام على نوح في العالمين يعني : ما كان بعد نوح .

                                                                                                                                                                                                                                      وإن من شيعته لإبراهيم تفسير مجاهد : على منهاجه وسنته إذ جاء ربه بقلب سليم من الشرك أئفكا كذبا آلهة دون الله تريدون على الاستفهام أي قد فعلتم; فعبدتموهم دونه فما ظنكم برب العالمين أي : معذبكم فنظر نظرة في النجوم في الكواكب فقال إني سقيم أي : مطعون فتولوا عنه مدبرين إلى عيدهم; وذلك أنهم استتبعوه لعيدهم - في تفسير الكلبي - فعصب رأسه ، وقال : إني رأيت الليلة في النجوم أني سأطعن غدا! وكانوا ينظرون في النجوم ، فقال لهم هذا كراهية منه للذهاب معهم ، ولما أراد أن يفعل بآلهتهم كادهم بذلك فراغ عليهم أي : مال على آلهتهم ضربا باليمين فكسرها إلا كبيرهم ، وقد مضى تفسيره في سورة الأنبياء فأقبلوا إليه إلى إبراهيم يزفون أي يبتدرونه .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : من قرأ (يزفون ) بفتح الياء وتشديد الفاء فالمعنى : يسرعون وأصله من : زفيف النعام ، يقال : زفت النعام تزف زفيفا ، وفيه لغة أخرى : أزفت زفافا .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 65 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية