الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      فلما أسلما وتله للجبين  وناديناه أن يا إبراهيم  قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين  إن هذا لهو البلاء المبين  وفديناه بذبح عظيم  وتركنا عليه في الآخرين سلام على إبراهيم كذلك نجزي المحسنين إنه من عبادنا المؤمنين وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين  وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين

                                                                                                                                                                                                                                      فلما أسلما يريد إبراهيم وإسماعيل ، يريد : أسلم إبراهيم طوعا لله - تبارك وتعالى - أن يذبح ابنه وبكره وواحده; وكذلك هو في التوراة : (جادلني ) بكره وواحده . وأسلم إسماعيل نفسه لله]; أي استسلما لأمر الله ، رضي إبراهيم بذبح ابنه ، ورضي ابنه بأن يذبحه أبوه وتله للجبين أي : أضجعه; ليذبحه وأخذ الشفرة وعليه قميص أبيض قال : يا أبت إني ليس لي ثوب تكفنني فيه [غير هذا] فاخلعه حتى تكفنني فيه . [ وتله للجبين يريد : أضجعه على جنبه إلى الأرض] .

                                                                                                                                                                                                                                      وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا . قال يحيى : ناداه به الملك من عند الله أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا بوحي من الله عز وجل - إنا كذلك نجزي المحسنين يريد : هكذا نجزي الموحدين إن هذا لهو البلاء المبين [يريد الذي ابتليتك به عظيم أن تذبح لي بكرك وواحدك] يعني : النعمة البينة عليك من الله; إذ لم تذبح ابنك .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد وناديناه ذكر بعض العلماء أنه جواب فلما أسلما وتله للجبين والواو زائدة . والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 67 ] قال : وفديناه بذبح عظيم [يريد الكبش الذي تقرب به هابيل ابن آدم إلى الله ، فتقبله ، وكان في الجنة يرعى حتى فدى الله - جل ذكره - إسماعيل] قال مجاهد : أي متقبل . قال ابن عباس : فالتفت إبراهيم; فإذا هو بكبش أبيض أقرن فذبحه .

                                                                                                                                                                                                                                      قال يحيى : وابنه الذي أراد ذبحه : قال الحسن : هو إسحاق .

                                                                                                                                                                                                                                      وتركنا عليه أبقينا عليه في الآخرين الثناء الحسن; [يريد الذكر الحسن لإكرامه لإسماعيل ، ألا يذكر من بعده إلا بخير إلى يوم القيامة وذلك أن إبراهيم صلى الله عليه وسلم قال في سورة باخع واجعل لي لسان صدق في الآخرين يقول : لا أذكر في جميع الأمم من بعدي إلا بذكر حسن .

                                                                                                                                                                                                                                      سلام على إبراهيم في العالمين كذلك نجزي المحسنين يريد الموحدين إنه من عبادنا المؤمنين يريد : المصدقين الموحدين وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين يريد : من صالح الأنبياء وباركنا عليه وعلى إسحاق [ ص: 68 ] يريد : على إبراهيم وإسحاق] ومن ذريتهما [يريد : ذرية إبراهيم وإسحاق] محسن [يريد : موحدا ، يعني : ] مؤمن ( وظالم لنفسه مشرك [ مبين بين الشرك .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية