واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكرى لأولي الألباب
واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه الآية ، قال الحسن : إن إبليس قال : يا رب هل من عبيدك عبد إن سلطتني عليه امتنع مني ؟ قال : نعم; عبدي أيوب . فسلطه الله عليه; ليجهد جهده ويضله ، فجعل يأتيه بوساوسه وحبائله وهو يراه عيانا; فلا يقدر منه على شيء ، فلما امتنع منه قال الشيطان : أي رب ، إنه قد امتنع مني; فسلطني على ماله فسلطه الله على ماله فجعل يهلك ماله صنفا صنفا ، فجعل يأتيه وهو يراه عيانا فيقول : يا أيوب ، هلك مالك في كذا وكذا فيقول : الحمد لله اللهم أنت أعطيتنيه وأنت أخذته مني ، إن تبق لي نفسي أحمدك على بلائك . ففعل ذلك حتى أهلك ما له كله ، فقال إبليس : يا رب ، إن أيوب لا يبالي بماله فسلطني على جسده! فسلطه الله عليه ، فمكث سبع سنين وأشهرا حتى وقعت الأكلة في جسده .
[ ص: 94 ] قال يحيى : وبلغني أن الدودة كانت تقع من جسده فيردها مكانها ، ويقول : كلي مما رزقك الله .
قال الحسن : فدعا ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب يعني : في جسده ، وقال في الآية الأخرى : أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين .
قال النصب والنصب واحد مثل حزن وحزن ، وهو العياء والتعب . محمد :
قال الحسن : فأوحى الله إليه أن اركض برجلك ، فركض برجله ركضة وهو لا يستطيع القيام; فإذا عين فاغتسل منها ، فأذهب الله ظاهر دائه ثم مشى على رجليه أربعين ذراعا ، ثم قيل له : اركض برجلك أيضا ، فركض ركضة أخرى ، فإذا عين فشرب منها ، فأذهب الله باطن دائه ورد عليه أهله وولده وأمواله من البقر والغنم والحيوان وكل شيء هلك بعينه ، ثم أبقاه الله فيها حتى وهب له من نسولها أمثالها ، فهو قوله : ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا وكانوا ماتوا غير الموت الذي أتى على آجالهم تسليطا من الله للشيطان; فأحياهم الله فوفاهم آجالهم .