والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها الأنهار وعد الله لا يخلف الله الميعاد ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يجعله حطاما إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب
والذين اجتنبوا الطاغوت يعني : الشياطين أن يعبدوها وذلك أن الذين يعبدون الأوثان إنما يعبدون الشياطين; لأنهم هم دعوهم إلى عبادتها [ ص: 108 ] وأنابوا إلى الله أقبلوا مخلصين إليه لهم البشرى يعني الجنة فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أي : بشرهم بالجنة ، والقول كتاب الله ، واتباعهم لأحسنه أن يعملوا بما أمرهم الله به فيه ، وينتهوا عما نهاهم الله عنه فيه .
أفمن حق عليه أي : سبقت عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار أي : تهدي من وجب عليه العذاب; أي : لا تهديه لهم غرف من فوقها غرف مبنية .
قال قيل المعنى : لهم; منازل في الجنة رفيعة وفوقها منازل أرفع منها محمد : وعد الله الذي وعد المؤمنين ، يعني الجنة .
قال القراءة محمد : وعد الله بالنصب بمعنى وعدهم الله وعدا .
فسلكه ينابيع في الأرض والينابيع : العيون ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يجعله حطاما كقوله : واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح .
قال قوله : محمد : ثم يهيج أي : يجف ، يقال للنبت إذا تم جفافه . قد هاج النبت يهيج ، وهاجت الأرض إذا ذوى ما فيها من الخضر والحطام : ما تفتت وتكسر من النبت وغيره .
[ ص: 109 ] إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب العقول; وهم المؤمنون يتذكرون فيعلمون أن ما في الدنيا ذاهب .