وصلى عليه أخي توفي ليلة الاثنين بين العشاءين تاسعة عشر رمضان من سنة ثمان وخمسين وأربعمائة أبو القاسم يوم الاثنين بجامع المنصور .
وقيل : أنه لم ير في جنازة بعد جنازة أبي الحسن القزويني الزاهد الجمع الذي حضر جنازته فلما أصحر المشيعون لجنازته إلى حفرته بمقبرة إمامنا لحقهم الحر الشديد فأفطر جماعة لم يسمحوا بالرجوع وكان قد حضره عالم كثير جدا يفوت الإحصاء . أحمد :
وقد روى رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أنس " ما من رجل يموت فتصلي عليه أمة من الناس يبلغون المائة فيشفعون فيه إلا شفعوا " .
وروى أبو أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " المقة من الله عز وجل والصيت في السماء فإذا أحب الله عبدا قال : يا جبريل إن ربك يحب فلانا فأحبه فينادي جبريل فينزل له المقة على الأرض " .
فلقد انتقض السؤدد بمصابه وانثلم المذهب بذهابه فهو كما قيل :
اليوم مات نظام الفهم واللسن ومات من كان يعديني على الزمن وأظلمت سبل الآداب إذ حجبت
شمس المكارم في غيم من الكفن
وليس نسيم المسك رشح حنوطه ولكنه ذاك الثناء المخلف
وليس صرير النعش ما تسمعونه ولكنها أصلاب قوم تقصف
للموت كم يبلى بجدته في كل يوم حكيما ما له خلف
أصاب قصدا هلالا في تكامله وبحر منطقه ما ليس يغترف
لم يبله الدهر ما دامت بدائعه تطوي على جمعها الأحشاء والصحف
مات البديع وغارت درة الفطن واستدرج الموت بحر الفضل في كفن
لله در المنايا ما صنعن به وما تضمنت الأكفان من بدن
تقصت بشاشات المجالس بعده وودعنا إذ ودع الأنس والعلم
وقد كان نجم العلم فينا حياته فلما انقضت أيامه أفل النجم
عش ما بدا لك في الدنيا فلست ترى في الناس منه ولا من علمه خلفا
أسف دائم وحزن مقيم لمصاب به الهدى مهدوم
مات بحل الفراء أم رجت الأر ض أم البدر كاسف والنجوم ؟
لهف نفسي على الإمام حوى الفض ل وهو بالمشكلات عليم
خلق طاهر ووجه منير وطريق إلى الهدى مستقيم
كان للدين عدة ولأهل الدي ن عدة في النائبات خل حميم
من يكن للدرس بعدك أم من لجدال المخالفين يقوم ؟ [ ص: 218 ]
من لفهم الحديث والطرق يس توضح منه صحيحه والسقيم ؟
من لفصل القضاء إن أشكل الحك م وضجت بالنازلات الخصوم ؟
درست بعده المدارس فالعل م طريد وحبله مصروم
وهكذا يذهب الزمان ويفنى العل م فيه ويجهل المعلوم
إن قبرا حواك يا أيها الطو د عجيب رحب الفناء عظيم
إن يكن شخصه محته يد الده ر فذكراه في الدهور مقيم
فنحيا بذكره كل وقت ومحياه في التراب رميم
آمري بالسلو مهلا ففي القل ب غرام مبرح ما يريم
كلما رمت سلوة هيج الحز ن صنيع له وفعل كريم
غير أن القضاء جار على الخلق قضاء من ربهم محتوم
فعلى الشامتين خزي مقيم وعليه الصلاة والتسليم