24 - أبي ذر جندب بن جنادة الغفاري رضي الله عنه
وقيل: جندب بن السكن. ذكر
أخبرنا عبد الرحمن بن إسماعيل الصابوني ، أخبرنا عبد الغافر بن محمد الفارسي ، حدثنا محمد بن عيسى بن عمرويه ، حدثنا إبراهيم بن سفيان ، حدثنا حدثنا مسلم بن الحجاج هدبه بن خالد ، حدثنا ، حدثنا سليمان بن المغيرة ، عن حميد بن هلال ، قال: عبد الله بن الصامت رضي الله عنه: خرجنا من قومنا أبو ذر غفار، وكانوا يحلون الشهر الحرام، فخرجت أنا، وأخي أنيس ، وأمنا، فنزلنا على خال لنا، فأكرمنا خالنا، وأحسن إلينا، فحسدنا قومه، فقالوا: إنك إذا عن أهلك خالف إليهم أنيس ، فجاء خالنا فنثا علينا الذي قيل له، فقلت له: أما ما مضى [ ص: 322 ] من معروفك فقد كدرته، ولا جماع لك فيما بعد، فقربنا صرمتنا فاحتملنا عليها، وتغطى خالنا بثوبه فجعل يبكي، فانطلقنا حتى نزلنا بحضرة مكة، فنافر أنيس عن صرمتنا وعن مثلها، فأتيا الكاهن، فخير أنيسا ، فأتانا أنيس بصرمتنا ومثلها معها، قال: وقد صليت يا ابن أخي قبل أن ألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث سنين، قلت: لمن؟ قال: لله، قلت: فأين توجه؟ قال: أتوجه حيث يوجهني ربي، أصلي عشاء حتى إذا كان من آخر الليل ألقيت كأني خفاء حتى تعلوني الشمس، فقال أنيس: إن لي حاجة بمكة، فاكفني، فانطلق أنيس حتى أتى مكة، فراث علي، ثم جاء فقلت: ما صنعت؟ قال: لقيت رجلا بمكة على دينك، يزعم أن الله أرسله، قلت: فما يقول الناس؟ قال: يقولون: شاعر كاهن ساحر، وكان أنيس أحد الشعراء، قال أنيس: لقد قول الكهنة، فما هو بقولهم، ولقد وضعت قوله على أقراء الشعراء فما يلتئم على لسان أحد أنه [ ص: 323 ] شعر، والله إنه لصادق وإنهم لكاذبون، قال: قلت: فاكفني حتى أذهب فأنظر، قال: فأتيت مكة، فتضعفت رجلا منهم، فقلت: أين هذا الذي تدعونه الصابئ؟ فأشار إلي، فقال: الصابئ، فمال علي أهل الوادي بكل مدرة وعظم حتى خررت مغشيا علي، قال: فارتفعت حين ارتفعت كأني نصب أحمر، قال: فأتيت زمزم، فغسلت عني الدماء، وشربت من مائها، ولقد لبثت يا ابن أخي ثلاثين بين ليلة ويوم، ما كان لي طعام إلا ماء زمزم، فسمنت حتى تكسرت عكن بطني، وما وجدت على كبدي سخفة جوع، قال: فبينا أهل مكة في ليلة قمراء أضحيان، إذ ضرب على أسمختهم، فما يطوف بالبيت أحد، وامرأتان منهم تدعوان [ ص: 324 ] إسافا ونائلة، قال: فأتتا علي في طوافهما، فقلت: أنكحا أحدهما الأخرى؟ قال: فما تناهتا عن قولهما، قال: فأتتا علي في طوافهما، فقلت: هن مثل الخشبة غير أني لا أكني، فانطلقتا تولولان، وتقولان: لو كان هاهنا أحد من أنفارنا، قال: فاستقبلهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهما هابطتان، قال: "مالكما؟"، قالتا: الصابئ بين الكعبة وأستارها. وأبو بكر
قال: "ما قال لكما؟"، قالتا: إنه قال لنا كلمة تملأ الفم، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى استلم الحجر، وطاف بالبيت هو وصاحبه، ثم صلى فلما قضى صلاته، قال وكنت أول من حياه بتحية الإسلام، فقال: "وعليك السلام ورحمة الله "، ثم قال: "من أنت؟"، قال: قلت: من أبو ذر: غفار، قال: فأهوى بيده فوضع أصابعه على جبهته، فقلت في نفسي: كره أن انتميت إلى غفار، فذهبت آخذ بيده، فقدعني صاحبه [ ص: 325 ] فكان أعلم به مني، ثم رفع رأسه، فقال: "متى كنت هاهنا؟"، قال: قلت: قد كنت هاهنا منذ ثلاثين، بين ليلة ويوم، قال: "فمن كان يطعمك؟"، قلت: ما كان لي طعام إلا ماء زمزم، فسمنت حتى تكسرت عكن بطني، وما أجد على كبدي سخفة جوع، قال: "إنها مباركة، إنها طعام طعم"، فقال يا رسول الله، ائذن لي في طعامه الليلة، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبو بكر: ، فانطلقت معهما، ففتح وأبو بكر بابا، فجعل يقبض لنا من زبيب الطائف، وكان أول طعام أكلته بها، ثم غبرت ما غبرت، ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إني قد وجهت إلى أرض ذات نخل لا أراها إلا يثرب، فهل أنت مبلغ عني قومك؟ عسى الله أن ينفعك بهم ويأجرك فيهم" . أبو بكر
فأتيت أنيسا ، فقال: ما صنعت؟ قلت: صنعت أني قد أسلمت وصدقت، قال: ما بي رغبة عن دينك، فإني قد أسلمت، وصدقت، فأتينا أمنا، فقالت: ما بي رغبة عن دينكما، فإني قد أسلمت، وصدقت، فاحتملنا حتى أتينا قومنا غفارا، فأسلم نصفهم، وكان يؤمهم إيماء بن رحضة ، وكان سيدهم، وقال نصفهم: إذا قدم رسول الله [ ص: 326 ] صلى الله عليه وسلم المدينة أسلمنا، فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فأسلم نصفهم الباقي، وجاءت أسلم فقالوا: يا رسول الله، إخوتنا نسلم على الذي أسلموا عليه فأسلموا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "غفار، غفر الله لها، وأسلم سالمها الله". قال
وفي رواية، قال رضي الله عنه: يا ابن أخي صليت سنتين قبل مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم. أبو ذر
وفي رواية،
فقال: والذي نفسي بيده لأصرخن بها بين ظهرانيهم، فخرج حتى أتى المسجد، فنادى بأعلى صوته: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، وثار القوم، فضربوه حتى أضجعوه، وأتى ، فأكب عليه، فقال: ويلكم ألستم تعلمون أنه من العباس غفار، وأن طريق تجارتكم إلى الشام، فأنقذه منهم، ثم عاد إلى مثلها وثاروا إليه فضربوه، فأكب عليه فأنقذه منهم [ ص: 327 ] . العباس
وفي رواية فانطلق به رضي الله عنه، حتى دخل على النبي صلى الله عليه وسلم، ودخل معه، فسمع من قوله، وأسلم مكانه علي فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "ارجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمري".
قال الشيخ رحمه الله: وقوله: نافر أي راهن، والخفاء: الكساء، وأقراء الشعر: طرقهم في الشعر، فما يلتئم: فما يتفق، فتضعفت: فاستضعفت، نصب أحمر: أي حجر يذبح عليه القربان، عكن بطني: جمع عكنة، وهي ما ينثني من السمن، سخفة جوع: شدة الجوع، ضرب على أسمختهم: أي ناموا، إساف ونائلة: صنمان، تولولان: تصيحان، من أنفارنا: أي من قومنا، نثا علينا: أي: أفشى، راث: أي أبطأ، أضحيان: مضيئة، الهن: كناية عن الذكر، قدعني: كفني. إن الصرمة جماعة من الإبل والغنم،