الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
160 - ذكر الأحنف بن قيس رضي الله عنه، كنيته: أبو بحر

من عقلاء الناس وفصائحهم، من وجوه أهل البصرة، مات بالكوفة سنة سبع وستين في إمارة ابن الزبير وصلى عليه مصعب [ ص: 701 ] بن الزبير ، ومشى في جنازته بلا رداء.

وقال مالك: قال معاوية ، للأحنف بن قيس: بم سدت قومك؟ قال: لا أتكلف ما كفيت، ولا أضيع ما وليت.

وقال ابن المبارك: قيل للأحنف: بم سدت قومك؟ قال: لو عاب الناس الماء ما شربته.

وقيل للأحنف: مالك لا تمس الحصا؟ قال: ما في مسه أجر، ولا في تركه وزر.

وقال: إن في لخلتين لا أغتاب جليسا إذا قام من عندي، ولا أدخل في أمر قوم لم يدخلوني معهم فيه.  

وقال السدي: عاشت بنو تميم بحكم الأحنف أربعين سنة.

وقال خالد بن صفوان: سألني سليمان بن عبد الملك ، كيف سادكم الأحنف وليس بأشرفكم، ولا أكثركم مالا؟ قلت: إن شئت في ثلاث، وإن شئت في خصلتين، وإن شئت في واحدة.

قال: في ثلاث، قلت: كان لا يحسد، ولا يحرص، ولا يدفع الحق إذا وجب.

قال: في ثنتين، قلت: كان يلقي الخير، ويوقي الشر.

قال: في واحدة، قلت: لم يكن أحد [ ص: 702 ] له من السلطان على نفسه ما كان له على نفسه.

قال: أجملت.

وروي عن سلمة بن منصور ، قال: كان عامة صلاة الأحنف بالليل، وكان يضع السراج قريبا منه، فربما وضع إصبعه عليه، ويقول: حس يا أحنف ، ما حملك يوم كذا على أن فعلت كذا.

وقال مغيرة: اشتكى ابن أخي الأحنف إليه وجع ضرسه، فقال له: لقد ذهبت عيني منذ عشرين سنة ما ذكرتها لأحد.

وقال ابن المبارك: لم تر الخيل البلق بعد وقعة الأحنف بخراسان مع الهياطلة من الترك، وهو يرتجز:

إن على كل رئيس حقا أن يخضب الصعدة أو تندقا

واستعمل على الميمنة رجلا يقرأ: البقرة.

وعلى الميسرة رجلا يقرأ: آل عمران.

وهو في أربعة آلاف، وهم في ثلاث مائة ألف، فنصره الله عليهم [ ص: 703 ] .

وقال ابن المبارك: شتم رجل الأحنف ، فلما فرغ، قال الأحنف: ستر الله الأكثر.

وقيل للأحنف: لئن قلت واحدة لتسمعن عشرا، قال الأحنف: لكنك لو قلت عشرا لا تسمع واحدة.  

التالي السابق


الخدمات العلمية