الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
سورة الكهف، ومريم، وطه، والأنبياء عليهم السلام.

659 - قال أبو جعفر ، حدثنا يموت ، بإسناده عن ابن عباس : "أنهن نزلن بمكة لم نجد فيهن مما يدخل في هذا الكتاب إلا موضعا واحدا مختلفا فيه".

قال جل وعز: وداوود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما .

قال أبو جعفر جماعة من الكوفيين يذهبون إلى أن هذا الحكم منسوخ وأن البهائم إذا أفسدت زرعا  في ليل أو نهار أنه لا يلزم صاحبها [ ص: 502 ] شيء وإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حكم بغير هذا فخالفوا حكمه وزعموا أنه منسوخ بقوله صلى الله عليه وسلم :

660 - العجماء جبار " ومنهم من يقول في الحديث العجماء جرحها جبار.

والعجماء: البهيمة وأصله أنه يقال رجل أعجم وامرأة عجماء إذا كانا [ ص: 503 ] لا يفصحان بالكلام ويقال إنه ما تقدم أبا حنيفة أحد بهذا القول حتى قال بعض العلماء هذا الحكم أصله من كتاب الله، وقد حكم به ثلاثة من الأنبياء فلا تجوز مخالفته بتأويل .

قال أبو جعفر: وسنبين ذلك من الآية ومن حكم الأنبياء عليهم السلام قال جل وعز: وداوود وسليمان أي واذكر داود وسليمان إذ يحكمان في الحرث 661 - قال قتادة: "كان نبتا" .

662 - وعن ابن مسعود ، "كان الحرث كرما قد أنبتت عنا قيده" إذ نفشت فيه غنم القوم والنفش في كلام العرب  لا يكون إلا بالليل أي دخلت الغنم بالليل في حرث القوم الذين ليسوا أصحابها فأفسدت العنب وأكلته " وكنا لحكمهم شاهدين أي لم يغب عنا ذلك ففهمناها سليمان أي القضية .

[ ص: 504 ] 663 - قال ابن عباس دخلت الغنم فأفسدت الكرم فاختصموا إلى داود فقضى بالغنم لصاحب الكرم لأن ثمنها كان قريبا منه فمروا على سليمان فأخبروه فقال كان غير هذا الحكم أرفق بالجميع فدخل صاحب الغنم فأخبر داود فقال لسليمان كيف الحكم عندك قال يا نبي الله تدفع الغنم إلى صاحب الحرث فيصيب من ألبانها وأصوافها وأولادها وتدفع الكرم إلى صاحب الغنم فيقوم به حتى يرجع إلى حاله فإذا رجع إلى حاله.

سلمت الكرم إلى صاحبه والغنم إلى صاحبها، قال الله تعالى: ففهمناها سليمان .

التالي السابق


الخدمات العلمية