باب ذكر الآية الرابعة والعشرين .
وعلى الوارث مثل ذلك في هذه الآية للعلماء أقوال فمنهم من قال هي منسوخة ومنهم من قال إنها محكمة والذين قالوا إنها محكمة لهم فيها ستة أجوبة فمنهم من قال: قال الله جل وعز: وعلى الوارث مثل ذلك ألا يضار، ومنهم من قال: الوارث عصبة الأب عليهم النفقة والكسوة ومنهم من قال على وارث المرضع النفقة والكسوة ومنهم من قال وعلى الوارث أي الصبي نفسه، ومنهم من قال الوارث الباقي من الأبوين ومنهم من قال الوارث كل ذي رحم محرم .
قال ونحن ننسب هذه الأقوال إلى قائليها من الصحابة والتابعين والفقهاء ونشرحها لتكمل الفائدة في ذلك حكى أبو جعفر: عبد الرحمن بن القاسم في الأسدية عن رحمه [ ص: 64 ] الله أنه قال: مالك بن أنس قال: وقول الله جل وعز لا يلزم الرجل نفقة أخ ولا ذي قرابة ولا ذي رحم منه وعلى الوارث مثل ذلك هو منسوخ .
قال هذا لفظ أبو جعفر: رحمه الله ولم يبين ما الناسخ لها ولا مالك عبد الرحمن بن القاسم.
ومذهب ، ابن عباس ومجاهد ، أن المعنى والشعبي وعلى الوارث أن لا يضار والذين قالوا على وارث الأب النفقة والكسوة رضي الله عنه عمر بن الخطاب والحسن بن أبي الحسن.
249 - كما قرئ على محمد بن جعفر بن حفص ، عن يوسف بن موسى ، قال حدثنا قبيصة ، قال حدثنا سفيان ، عن ، عن ابن جريج ، عن عمرو بن شعيب سعيد بن المسيب: عمر ، "أجبر بني عم على منفوس" وفي رواية أن الرجال دون النساء 250 - وقال ابن [ ص: 65 ] عيينة: الحسن والذين قالوا: "إذا خلف أمه وعمه الأم موسرة والعم معسر فالنفقة على العم" وعلى وارث المولود النفقة والكسوة قال: 251 - إذا خلف أما وعما فعلى كل واحد منهما على قدر ميراثهما وهو قول زيد بن ثابت عطاء .
[ ص: 66 ] 252 - وقال "على وارث الصبي على قدر ميراثهم" وقال قتادة الوارث الصبي. قبيصة بن ذؤيب
253 - كما قرئ على محمد بن جعفر بن حفص ، عن يوسف بن موسى ، قال حدثنا ، قال أخبرنا أبو عبد الرحمن المقرئ ، قال حدثنا حيوة ، عن جعفر بن ربيعة ، قبيصة بن ذؤيب وعلى الوارث مثل ذلك قال: "الوارث الصبي"
254 - وروى عن ابن المبارك قال: سفيان الثوري وأما الذين قالوا على كل ذي رحم محرم فهم "إذا كان للصبي أم وعم أجبرت الأم على رضاعة ولم يطالب العم بشيء" ، أبو حنيفة ، وأبو يوسف ومحمد.
[ ص: 67 ] قال فهذه جميع الأقوال التي وصفناها من أقوال الصحابة والتابعين والفقهاء، فأما قول أبو جعفر: إنها منسوخة فلم يبينه ولا علمت أن أحدا من أصحابه بين ذلك والذي يشبه أن يكون الناسخ لها عنده والله جل وعز: أعلم أنه لما أوجب الله تبارك وتعالى للمتوفى عنها زوجها من مال المتوفى نفقة حول والسكنى ثم نسخ ذلك ورفعه نسخ ذلك أيضا عن الوارث، وأما قول من قال: مالك وعلى الوارث مثل ذلك أن لا يضار فقول حسن لأن أموال الناس محظورة فلا يخرج منها شيء إلا بدليل قاطع، وأما قول من قال على ورثة الأب فالحجة له أن النفقة كانت على الأب فورثته أولى من ورثة الابن.
وأما حجة من قال على ورثة الابن فيقول: كما يرثونه يقومون به .
قال وكان أبو جعفر: يختار قول من قال الوارث هاهنا الابن وهو وإن كان قولا غريبا فالإسناد به صحيح والحجة به ظاهرة؛ لأن ماله أولى به [ ص: 68 ] وقد أجمع الفقهاء إلا من شذ منهم محمد بن جرير فإن قيل قد قال الله جل وعز أن رجلا لو كان له ولد طفل وللولد مال والأب موسر أنه لا يجب على الأب نفقة ولا رضاع وأن ذلك من مال الصبي وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن قيل هذا الضمير للمؤنث ومع هذا فإن الإجماع حذا للآية مبين لها لا يسع مسلما الخروج عنه وأما قول من قال ذلك على من بقي من الأبوين فحجته أنه لا يجوز للأم تضييع ولدها وقد مات من كان ينفق عليها وعليه وأما قول من قال النفقة والكسوة على كل ذي رحم محرم فحجته أن على الرجل أن ينفق على كل ذي رحم محرم إذا كان فقيرا .
قال وقد عورض هذا القول بأنه لم يؤخذ من كتاب الله جل وعز ولا من إجماع ولا من سنة صحيحة بل لا يعرف من قول سوى من ذكرناه، فأما القرآن فقال جل وعز أبو جعفر: وعلى الوارث مثل ذلك فتكلم الصحابة والتابعون فيه بما تقدم ذكره فإن كان على الوارث النفقة والكسوة فقد خالفوا ذلك، فقالوا: إذا ترك خاله وابن عمه فالنفقة على خاله وليس على ابن عمه شيء فهذا مخالفة نص القرآن لأن الخال لا يرث مع [ ص: 69 ] ابن العم في قول أحد ولا يرث وحده في قول كثير من العلماء، والذي احتجوا به من النفقة على كل ذي رحم محرم أكثر أهل العلم على خلافه .