الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ومما يشكل ويصحف ، قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تحرم المصة ولا المصتان ، والمزة والمزتان ، والعيفة والعيفتان " .  

[ ص: 207 ] وكله مشكل ، فأول ما يغلط فيه قوله: لا تحرم ، ويجب أن تكون الراء مشددة مكسورة ، ويرويه من لا يعلم: لا تحرم فيفتح التاء ، ويسكن الحاء ، ويضم الراء . وقوله: المزة والمزتان بالزاي المعجمة ، وكثيرا ما يصحفونه بالمرة بالراء غير المعجمة ، فذكر عبدان القاضي الجواليقي -ولم أسمعه منه- وسمعت من يذكر عنه حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا سعيد بن يحيى اللخمي ، [ ص: 208 ] حدثنا إسماعيل ، عن قيس ، عن المغيرة بن شعبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحرم العيفة والعيفتان . قلنا: وما العيفة ؟ قال: المرأة تلد فتحضن اللبن في ثديها ، فترضع جارتها المرة والمرتان " رواه بالراء غير المعجمة ، وهو غلط ، والصحيح المزة والمزتان بالزاي المعجمة ، والمزة المصة ، أخذ من قولهم: تمززت الشيء إذا مصصته قليلا قليلا . قال الأعشى يصف شرابا:


تمززتها غير مستأثر على الشرب ، أو منكر ما علم



حدثني الحسن بن علي بن خلف ، عن نصر ، عن أبي عبيد ، عن سفيان ، عن ابن طاوس ، عن أبيه قال: المزة الواحدة تحرم يعني: المصة بالزاي المعجمة . وأما قوله: العيفة ، فإنه بالفاء ، وقد أنكر أبو عبيد روايتهم: العيفة ، وقال: ليس تعرف العيفة في الرضاع ، وأراه: العفة وهو: بقية اللبن في الضرع ، وهي: العفافة . وأنشد :

[ ص: 209 ]

فما تعجوه إلا عفافة أو فواق



التالي السابق


الخدمات العلمية