[ ص: 294 ] ( فصل )
قال الرافضي [1] : " العاشر : أنه لم يول [2] أبا بكر شيئا من الأعمال ، وولى عليه " [3] .
والجواب من وجوه : أحدها : أن هذا باطل . بل الولاية التي ولاها أبا بكر لم يشركه فيها أحد ، وهي ولاية الحج . وقد ولاه غير ذلك .
الثاني : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد ولى من هو بإجماع أهل السنة والشيعة من كان عنده دون أبي بكر ، مثل عمرو بن العاص ، والوليد بن عقبة ، وخالد بن الوليد ; فعلم أنه لم يترك ولايته لكونه ناقصا عن هؤلاء .
الثالث : أن عدم ولايته لا يدل على نقصه ، بل قد يترك ولايته لأنه عنده أنفع له منه في [4] تلك الولاية ، وحاجته إليه في المقام عنده وغنائه عن المسلمين أعظم من حاجته إليه في تلك الولاية ، فإنه هو وعمر كانا مثل الوزيرين له . يقول كثيرا : " دخلت أنا وأبو بكر وعمر " و " خرجت أنا وأبو بكر وعمر " ، وكان أبو بكر يسمر عنده عامة ليله .
[ ص: 295 ] وعمر لم يكن يولي أهل الشورى [5] ، كعثمان [6] ، وطلحة ، والزبير ، وغيرهم ، وهم عنده أفضل ممن ولاه مثل عمرو بن العاص ، ومعاوية ، وغيرهما ; لأن انتفاعه بهؤلاء في حضوره أكمل من انتفاعه بواحد منهم في ولاية يكفي فيها من دونهم .
وأبو بكر كان يدخل مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ويليه عمر ، وقال لهما : " إذا اتفقتما على شيء لم أخالفكما " [7] . وإذا قدم عليه الوفد شاورهما ، فقد يشير هذا بشيء ، ويشير هذا بشيء ; ولذلك شاورهما في أسرى بدر ، وكان مشاورته لأبي بكر أغلب ، واجتماعه [8] به أكثر . هذا أمر يعلمه من تدبر الأحاديث الصحيحة التي يطول ذكرها .


