وقوله: وآتاني رحمة من عنده [ ص: 12 ] .
يعني الرسالة. وهي نعمة ورحمة. وقوله: فعميت عليكم قرأها يحيى بن وثاب والأعمش . وهي في قراءة وحمزة (فعماها عليكم) وسمعت العرب تقول: قد عمي علي الخبر وعمي علي بمعنى واحد. وهذا مما حولت العرب الفعل إليه وليس له، وهو في الأصل لغيره ألا ترى أن الرجل الذي يعمى عن الخبر أو يعمى عنه، ولكنه في جوازه مثل قول العرب: أبي
دخل الخاتم في يدي والخف في رجلي، وأنت تعلم أن الرجل التي تدخل في الخف والأصبع في الخاتم. فاستخفوا بذلك إذا كان المعنى معروفا لا يكون لذا في حال، ولذا في حال إنما هو لواحد. فاستجازوا ذلك لهذا. وقرأه العامة (فعميت) وقوله أنلزمكموها العرب تسكن الميم التي من اللزوم فيقولون: أنلزمكموها. وذلك أن الحركات قد توالت فسكنت الميم لحركتها وحركتين بعدها وأنها مرفوعة، فلو كانت منصوبة لم يستثقل فتخفف. إنما يستثقلون كسرة بعدها ضمة أو ضمة بعدها كسرة أو كسرتين متواليتين أو ضمتين متواليتين. فأما الضمتان فقوله: (لا يحزنهم) جزموا النون لأن قبلها ضمة فخففت كما قال (رسل) ، فأما الكسرتان فمثل قوله الإبل إذا خففت. وأما الضمة والكسرة فمثل قول الشاعر:
وناع يخبرنا بمهلك سيد تقطع من وجد عليه الأنامل
وإن شئت تقطع. وقوله في الكسرتين:
إذا اعوججن قلت صاحب قوم
[ ص: 13 ] يريد صاحبي فإنما يستثقل الضم والكسر لأن لمخرجيهما مؤونة على اللسان والشفتين تنطم الرفعة بهما فيثقل الضمة ويمال أحد الشدقين إلى الكسرة فترى ذلك ثقيلا. والفتحة تخرج من خرق الفم بلا كلفة.وقوله: ويا قوم من ينصرني من الله .
يقول: من يمنعني من الله. وكذلك كل ما كان في القرآن منه فالنصر على جهة المنع.