الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: قد شغفها حبا  أي قد خرق شغاف قلبها وتقرأ (قد شعفها) بالعين وهو من قولك: شعف بها. كأنه ذهب بها كل مذهب. والشعف: رءوس الجبال.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وأعتدت لهن متكأ يقال: اتخذت لهن مجلسا. ويقال: إن متكا غير مهموز، فسمعت أنه الأترج. وحدثني شيخ من ثقات أهل البصرة أنه قال: الزماورد .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وقطعن أيديهن يقول: وخدشنها ولم يبن أيديهن، من إعظامه، وذلك قوله:

                                                                                                                                                                                                                                      حاش لله أعظمنه أن يكون بشرا، وقلن: هذا ملك. وفي قراءة عبد الله (حاشا لله) بالألف، وهو في معنى معاذ الله.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ما هذا بشرا نصبت (بشرا) لأن الباء قد استعملت فيه فلا يكاد أهل الحجاز ينطقون إلا بالباء، فلما حذفوها أحبوا أن يكون لها أثر فيما خرجت منه فنصبوا على ذلك ، ألا ترى أن كل ما في القرآن أتى بالباء إلا هذا، وقوله: ما هن أمهاتهم وأما أهل نجد فيتكلمون بالباء وغير الباء فإذا أسقطوها رفعوا. وهو أقوى الوجهين في العربية.

                                                                                                                                                                                                                                      أنشدني بعضهم:


                                                                                                                                                                                                                                      لشتان ما أنوي وينوي بنو أبي جميعا فما هذان مستويان

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 43 ]

                                                                                                                                                                                                                                      تمنوا لي الموت الذي يشعب الفتى     وكل فتى والموت يلتقيان



                                                                                                                                                                                                                                      وأنشدوني:


                                                                                                                                                                                                                                      ركاب حسيل أشهر الصيف بدن     وناقة عمرو ما يحل لها رحل
                                                                                                                                                                                                                                      ويزعم حسل أنه فرع قومه     وما أنت فرع يا حسيل ولا أصل



                                                                                                                                                                                                                                      وقال الفرزدق:


                                                                                                                                                                                                                                      أما نحن راءو دارها بعد هذه     يد الدهر إلا أن يمر بها سفر



                                                                                                                                                                                                                                      وإذا قدمت الفعل قبل الاسم رفعت الفعل واسمه فقلت: ما سامع هذا وما قائم أخوك. وذلك أن الباء لم تستعمل هاهنا ولم تدخل ، ألا ترى أنه قبيح أن تقول: ما بقائم أخوك لأنها إنما تقع في المنفي إذا سبق الاسم، فلما لم يمكن في (ما) ضمير الاسم قبح دخول الباء. وحسن ذلك في (ليس) :

                                                                                                                                                                                                                                      أن تقول: ليس بقائم أخوك لأن (ليس) فعل يقبل المضمر، كقولك: لست ولسنا ولم يمكن ذلك في (ما) .

                                                                                                                                                                                                                                      فإن قلت: فإني أراه لا يمكن في (لا) وقد أدخلت العرب الباء في الفعل التي تليها فقالوا :


                                                                                                                                                                                                                                      لا بالحصور ولا فيها بسوار



                                                                                                                                                                                                                                      قلت: إن (لا) أشبه بليس من (ما) ، ألا ترى أنك تقول: عبد الله لا قائم ولا قاعد، كما تقول:

                                                                                                                                                                                                                                      عبد الله ليس قاعدا ولا قائما، ولا يجوز عبد الله ما قائم ولا قاعد فافترقتا هاهنا [ ص: 44 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      ولو حملت الباء على (ما) إذا وليها الفعل تتوهم فيها ما توهمت في (لا) لكان وجها، أنشدتني امرأة من غني:


                                                                                                                                                                                                                                      أما والله أن لو كنت حرا     وما بالحر أنت ولا العتيق



                                                                                                                                                                                                                                      فأدخلت الباء فيما يلي (ما) فإن ألقيتها رفعت ولم يقو النصب لقلة هذا. قال: وحدثنا الفراء قال: وحدثني دعامة بن رجاء التيمي - وكان غرا- عن أبي الحويرث الحنفي أنه قال: (ما هذا بشرى) أي ما هذا بمشترى.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية