الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: أيمسكه على هون  الهون في لغة قريش: الهوان، وبعض بني تميم يجعل الهون مصدرا للشيء الهين. قال الكسائي: سمعت العرب تقول: إن كنت لقليل هون المؤونة مذ اليوم. وقال: سمعت [ ص: 107 ] الهوان في مثل هذا المعنى من بني إنسان قال قال لبعير له ما به بأس غير هوانه، يقول:

                                                                                                                                                                                                                                      إنه هين خفيف الثمن. فإذا قالت العرب: أقبل فلان يمشي على هونه لم يقولوه إلا بفتح الهاء، كقوله يمشون على الأرض هونا وهي السكينة والوقار. حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال حدثني شريك عن جابر عن عكرمة ومجاهد في قوله (يمشون على الأرض هونا) قالا: بالسكينة والوقار، وقوله:

                                                                                                                                                                                                                                      أيمسكه على هون أم يدسه يقول: لا يدرى أيهما يفعل: أيمسكه أم يدسه في التراب، يقول:

                                                                                                                                                                                                                                      بدفنها أم يصبر عليها وعلى مكروهها وهي الموؤدة، وهو مثل ضربه الله تبارك وتعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      ثم فسر المثل في قوله: للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولو كان (مثل السوء) نصبا لجاز، فيكون في المعنى على قولك: ضرب للذين لا يؤمنون مثل السوء، كما كان في قراءة أبي (وضرب مثلا كلمة خبيثة) وقراءة العوام هاهنا وفي إبراهيم بالرفع لم نسمع أحدا نصب.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى أن في موضع نصب لأنه عبارة عن الكذب. ولو قيل : (وتصف ألسنتهم الكذب) تجعل الكذب من صفة الألسنة ، واحدها كذوب وكذب، مثل رسول ورسل. ومثله قوله ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب ، وبعضهم يخفض (الكذب) يجعله مخفوضا باللام التي في قوله (لما) لأنه عبارة عن (ما) والنصب فيه وجه الكلام، وبه قرأت العوام. ومعناه: ولا تقولوا لوصفها الكذب.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله وأنهم مفرطون يقول: منسيون في النار. والعرب تقول: أفرطت منهم ناسا أي [ ص: 108 ] خلفتهم ونسيتهم. وتقرأ (وأنهم مفرطون) بكسر الراء، كانوا مفرطين في سوء العمل لأنفسهم في الذنوب. وتقرأ (مفرطون) كقوله يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله يقول:

                                                                                                                                                                                                                                      فيما تركت وضيعت.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية