الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              مسألة: لا تصح الصلاة إلا بفاتحة الكتاب  وعنه تجزئه آية كقول أبي [ ص: 360 ] حنيفة .

                                                              لنا حديثان:

                                                              الحديث الأول:

                                                              469 - أخبرنا عبد الأول ، قال: أنبأنا الداودي ، أنبأنا ابن أعين ، قال: حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا سفيان ، حدثنا الزهري ، عن محمود بن الربيع ، عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" أخرجاه في الصحيحين وأخرجه الدارقطني بلفظ آخر: "لا تجزئ [ ص: 361 ] صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" وقال: إسناد صحيح ورواه بلفظ آخر: لا تقرأ بشيء من القرآن إذا جهرت إلا بأم القرآن" وقال: كل إسناده ثقات.

                                                              الحديث الثاني:

                                                              470 - أخبرنا ابن الحصين ، قال: أنبأنا التميمي ، قال: حدثنا القطيعي ، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال: حدثنا أبي قال: حدثنا إسحاق ، قال: حدثنا مالك ، عن العلاء بن عبد الرحمن أنه سمع أبا السائب مولى هشام بن زهرة يقول: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم الكتاب فهي خداج هي خداج غير تمام فقلت: يا أبا هريرة أنا أحيانا أكون وراء الإمام فقال: اقرأ بها في نفسك يا فارسي" انفرد بإخراجه مسلم.

                                                              قالوا: نحمل قوله لا صلاة على الكمال. واستدلوا بما:

                                                              أخبرنا هبة الله بن محمد ، أنبأنا الحسن بن علي ، أنبأنا أحمد بن جعفر ، حدثنا عبد الله بن أحمد ، حدثنا أبي قال: حدثنا يحيى بن سعيد ، عن جعفر بن ميمون قال: حدثنا أبو عثمان النهدي عن أبي هريرة "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يخرج فينادي: لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب فما زاد".

                                                              أخبرنا أبو منصور القزاز ، أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي الحافظ ، أنبأنا القاضي أبو عبد الله الصيمري ، حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الله المعدل ، حدثنا أحمد بن عبد الله بن سعيد ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن حاتم الأنباري ، حدثنا أحمد بن عبد الله بن محمد الكوفي ، حدثنا نعيم بن حماد ، قال: حدثنا ابن المبارك ، قال: أنبأنا أبو حنيفة ، عن عطاء بن [ ص: 362 ] أبي رباح عن أبي هريرة ، قال نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة إلا بقراءة ولو بفاتحة الكتاب".

                                                              471 - وأخبرنا محمد بن عبد الملك ، أنبأنا إسماعيل بن مسعدة ، أنبأنا حمزة بن يوسف ، أنبأنا أبو أحمد بن عدي ، أنبأنا علي بن سعيد ، حدثنا جبارة ، قال: حدثنا شبيب بن شيبة ، عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب وآيتين فهي خداج". قلنا: قوله لا صلاة نفي في سياق نكرة فهم يعم.

                                                              وأما حديث أبي هريرة ففي طريقه الأول جعفر بن ميمون ، قال يحيى بن معين : ليس بثقة وطريقه الثاني تفرد بروايته أحمد بن عبد الله وهو مجهول الحال ونعيم بن حماد مجروح وحديث عائشة يعرف بشبيب بن شيبة ، وقال ابن عدي: هو زاد فيه آيتين قال يحيى ابن معين: شبيب ليس بثقة. واحتجوا بما روي في الصحيحين من حديث أبي هريرة "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علم رجلا الصلاة فقال: كبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن" وسيأتي بإسناده. ورووا عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب أو غيرها" .

                                                              والجواب: أما حديث الرجل الذي علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم فجوابه من ثلاثة أوجه.

                                                              أحدها: أن يكون ذلك قبل نزول الفاتحة وتعيينها. والثاني: أن يكون وقت الصلاة قد ضاق وهو لا يحفظ الفاتحة فجوز له قراءة ما يحفظ. والثالث: أن يريد بـ "ما تيسر" ما بعد الفاتحة أو ترك ذكر الفاتحة اتكالا على علمه وجوبها.

                                                              وأما حديث أبي سعيد فلا يعرف أصلا [ ص: 363 ] .

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية