قال في حديث أبو سليمان الزبير أنه قال لابنه عبد الله في كلام له والله لا أشري عملي بشيء وللدنيا أهون علي من منحة ساحة أو قال سحساحة.
أخبرناه أحمد بن عبد العزيز بن شابوره، نا نا علي بن عبد العزيز حدثني الزبير بن بكار مصعب بن عثمان عن أبيه عن شعيب بن جعفر بن الزبير عن أبيه.
قوله لا أشري عملي أي لا أبيعه بشيء يقال شريت الشيء بمعنى بعته وشريته إذا ابتعته والحرف من الأضداد قال الشاعر:
إنا بني منقر لا ننتمي لأب عنه ولا هو بالأبناء يشرينا
وبهذا المعنى سميت الخوارج بالشراة لأنهم بزعمهم باعوا الدنيا بالآخرة..
وأخبرني أبو محمد الكراني أخبرنا عبد الله بن شبيب أخبرنا المنقري عن قال باع الأصمعي ابن مفرغ الحميري غلامه بردا فندم فقال:
وشريت بردا ليتني من بعد برد كنت هامه
[ ص: 207 ] هامة تدعو الصدى بين المشقر واليمامه
وأخبرني نا محمد بن هاشم عبد الله بن موسى البزار نا نا أحمد بن عيسى أخبرني ابن وهب عن ابن جريج أبي الزبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه اشترى من أعرابي حمل خبط فلما وجب البيع قال له: "اختر" فقال له الأعرابي: عمرك الله بيعا.
وقد كان صلى الله عليه مبتاعا فسماه الأعرابي بيعا ومن هذا قوله صلى الله عليه: يريد البائع والمشتري. وفي خبر الأعرابي حجة لمن رأى أن "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا" التفرق القاطع للخيار إنما هو التفرق بالأبدان.
وقال سأل أبو عمر أبو موسى هل بين يفترقان ويتفرقان خلاف؟ قال: نعم أخبرنا أبا العباس عن ابن الأعرابي المفضل قال يقال افترقا بالكلام وتفرقا بالأجسام. والمنحة الساحة هي السمينة.
قال يقال بعير منتق إذا سمن قليلا ثم شنون ثم سمين ثم [ ص: 208 ] ساح ثم مترطم وهو الذي انتهى سمنا ويقال سحت الشاة تسح سحوحة. أبو زيد
وفيه وجه آخر وهو أن يكون أراد بالساحة الغزيرة لأن المنحة أكثر ما تكون في اللبن وأصل السح الصب يقال سح يسح سحا والسحساحة مبنية من السح ويقال مطر سحسح وسحساح. قال الشاعر يصف طعنة:
مسحسحة تنفي الحصا عن طريقها
.