الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
حديث عبد الرحمن بن أبي بكر .

قال أبو سليمان في حديث عبد الرحمن بن أبي بكر أن معاوية كتب إلى مروان ليبايع الناس ليزيد بن معاوية فقال عبد الرحمن : أجئتم بها هرقلية وقوقية تبايعون لأبنائكم ، فقال مروان : أيها الناس ، هذا الذي قال الله تعالى : والذي قال لوالديه أف لكما إلى آخر الآية ، فغضبت عائشة فقالت : والله ما هو به ولو شئت أن أسميه لسميته ، ولكن الله لعن أباك وأنت في صلبه ، فأنت فضض من لعنة الله   .

حدثناه ابن شابور ، نا علي بن عبد العزيز ، نا حجاج ، نا حماد ، أنا محمد بن زياد .

قوله : قوقية يريد البيعة للأولاد سنة ملوك العجم ، وقوق اسم ملك من ملوك الروم وإليه تنسب الدنانير القوقية كما نسبت الهرقلية إلى هرقل ، قال كثير :


تروق العيون الناظرات كأنه هرقلي وزن أحمر التبر راجح



[ ص: 518 ] وكانت الدنانير في صدر الإسلام تحمل من بلاد الروم . وكان أول من ضربها للمسلمين عبد الملك بن مروان .

وقال عبد الله بن همام السلولي يذكر قصة بيعة يزيد وشبهها ببيعة آل كسرى :


إذا ما مات كسرى قام كسرى     نعد ثلاثة متواترينا
فلو جاؤوا برملة أو بهند     لبايعنا أميرة مؤمنينا

وقولها : فضض من لعنة الله : أي قطعة وطائفة منها ، مأخوذ من الفض وهو كسر الشيء وتفريق أجزائه ، يقال : فضضت الشيء فهو فضض ، كما يقال : قبضته فهو قبض ، وهدمته فهو هدم ، ولهذا سمي فل الجيش إذا انهزموا أو انفضوا فضضا .

يقال : رأيت فل الجيش وفضضهم : أي من انفل منهم وانفض من جمعهم .

ورواه أبو عبد الله نفطويه فقال : فظاظة من لعنة الله .

قال : والفظ والفظيظ ماء الكرش ، قال : ورواه آخر فقال : أنت فضض قال : وفضض جمع فضيض ، وهو الماء السائل .

قال أبو سليمان : ولا وجه لشيء مما جاء به أبو عبد الله في هذا الحديث ، وإنما هو على ما رويته لك وفسرته قبل ، والله أعلم .

[ ص: 519 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية