الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث الأحنف: "أنه كان في بعض الحروب، فحمل على العدو، ثم انصرف وهو يقول:


إن على كل رئيس حقا أن يخضب الصعدة أو تندقا



فقيل له: أين الحلم يا أبا بحر؟ فقال: عند الحبا".

ذكره أبو عمر، عن أبي العباس ثعلب، عن عمر بن شبة.

الصعدة: القناة المستوية، قال الشاعر:


يهزهز صعدة جرداء فيها     نقيع السم أو قرن محيق



الحبا: جمع حبوة، يريد الاحتباء، وهو أن يجمع ظهره ورجليه بثوب.

ويقال: العمائم تيجان العرب، والحبا حيطانها، يقال: حبوة، [ ص: 38 ] بكسر الحاء، وحبوة بضمها، والكسر أعلى، قال جرير:


قتل الزبير وأنت عاقد حبوة     تبا لحبوتك التي لم تحلل



يريد: أن الحلم إنما يحسن في السلم إذا قعد القوم في الأفنية واحتبوا بالأردية، فأما الحرب فإن الحلم فيها عجز.

ويروى عن الأحنف أنه قال: "لا تزال العرب عربا ما لبست العمائم، وتقلدت السيوف، ولم تعدد الحلم ذلا، ولا التواهب فيما بينها ضعة".

قال أبو العباس محمد بن يزيد: قوله: ما لبست العمائم، يقول: ما حافظت على زيها.

وقوله: وتقلدت السيوف، يريد الامتناع من الضيم، وقوله: ولم تعدد الحلم ذلا، هو أن تعرف موضع الحلم، وهو ألا تكون تخاف أحدا، ولا تخاف عاقبة تكرهها.

وقوله: ولا التواهب ضعة، فهو أن يهب الرجل من حقه ما لا يستكره عليه.

التالي السابق


الخدمات العلمية