الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
158 - وقال "أبو عبيد" في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 25 ] حين استأذن عليه "أبو سفيان "، فحجبه، ثم أذن له، فقال: "ما كدت تأذن لي حتى تأذن لحجارة الجلهمتين ".

فقال: يا أبا سفيان! أنت كما قال القائل: "وكل الصيد في جوف الفرإ ". أو قال: "في بطن الفرإ"
الشك من - "أبي عبيد ".

قال "الأصمعي ": الفرأ مهموز مقصور، قال: وهو حمار الوحش   [ ص: 26 ] .

قال: وجمع الفرإ: فراء ممدود، وأنشدنا [في نعت الحرب] :


بضرب كآذان الفراء فضوله وطعن كإيزاغ المخاض تبورها

[ ص: 27 ] أراد أن الضرب بالسيف يقع بالأجساد، فيكشط عنها اللحم، فيبقى متدليا كآذان الحمر.

وقوله: "كإيزاغ المخاض ":  يعني قذف الإبل بأبوالها، فهي توزغ به، [وذلك] إذا كانت حوامل، شبه الطعن به.

وقوله: تبورها: تخبرها أنت.  

وإنما مذهب هذا الحديث أنه أراد - صلى الله عليه وسلم - أن يتألفه بهذا الكلام، وكان من المؤلفة قلوبهم.

فقال: "أنت في الناس كحمار الوحش في الصيد "، يعني أنها كلها دونه [ ص: 28 ] .

وقول "أبي سفيان ": حجارة الجلهمتين: أراد جانبي الوادي. والمعروف في كلام العرب الجلهتان.

قال "الأصمعي ": والجلهة: ما استقبلك من حروف الوادي، وجمعها جلاه، وقال "لبيد ":


فعلا فروع الأيهقان وأطفلت     بالجلهتين ظباؤها ونعامها

[ ص: 29 ] ويروى: [فعلا] فروع "بالنصب أيضا. وقال الشماخ ":

كأنها وقد بدا عوارض

والليل بين قنوين رابض

بجلهة الوادي قطا نواهض

قال: ولم أسمع بالجلهمة إلا في هذا الحديث، وما جاءت إلا ولها أصل [ ص: 30 ] .

والمعروف من هذا جلهة.

التالي السابق


الخدمات العلمية