الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
163 - وقال: "أبو عبيد" في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - : "إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل نجسا ".  

قال: حدثنيه "زيد بن الحباب" عن "حماد بن سلمة" عن [ ص: 52 ] "عاصم بن المنذر" عن "عبيد الله بن عبد الله بن عمر" عن "أبيه" عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله: "قلتين ": يعني من هذه الحباب العظام، واحدتها قلة، وهي معروفة بالحجاز وقد تكون بالشآم، وجمعها قلال.  

قال أبو عبيد: ويقال: هي جرة من هذه الجرار العظام، قال "حسان بن ثابت" يرثي رجلا:


وأقفر من حضاره ورد أهله وقد كان يسقي في قلال وحنتم

[ ص: 53 ] وقال "الأخطل ":


يمشون حول مكدم قد كدحت     متنيه حمل حناتم وقلال

[قال أبو عبيد] : فهذا تأويل القلتين، وهو يرد قول من قال في الماء: "إذا بلغ كرا لم يحمل نجسا" [ ص: 54 ] .

قال: حدثناه "ابن علية" عن " ابن عون" عن "ابن سيرين ".

قال "أبو عبيد" وسمعت "أبا يوسف" يفسر ما ينجس من الماء مما لا ينجس، فقال: هو أن يكون الماء في حوض عظيم، أو غدير، أو ما أشبه ذلك، فيبلغ من كثرته أنه إذا حرك منه جانب، لم يضطرب الجانب الآخر، فهذا عنده لا يحمل نجسا، فإن بلغ اضطرابه إلى الجانب الآخر، فهذا قد ينجس.

ولا أعلمني إلا قد سمعت "محمد بن الحسن" يقول مثله أو نحوه.

قال "أبو عبيد ": حسبتهما يذهبان من الكر إلى أن الماء يكر [ ص: 55 ] بعضه على بعض فحدثت به "الأصمعي "، فأنكر أن يكون هذا من كلام العرب، أن يقال: قد بلغ الماء كرا، إذا كان يكر عليك.

وذهب "الأصمعي" بالكر إلى المكيال الذي يكال به، كأنه يقول: إذا كان فيما تحزره، وتقدره مثل ذلك.

وهذا عندي وجه [ذلك] الحديث - والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية