قال: وحدثنيه أيضا حجاج، عن شعبة، عن قتادة، عن يونس بن جبير، عن محمد بن سعد، عن أبيه سعد بن أبي وقاص، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . مثل حديث "عوف" سواء.
قال الأصمعي: قوله: حتى يريه: هو من الورى على مثال الرمي.
يقال منه: رجل مورى [مشدد] غير مهموز ، وهو أن يروى جوفه، وأنشد:
قالت له وريا إذا تنحنح
تدعو عليه بالورى
وأنشدنا الأصمعي أيضا "للعجاج" يصف الجراحات:عن قلب ضجم توري من سبر
[ ص: 162 ] يقول: إن سبرها إنسان أصابه منها الورى من شدتها.والقلب: الآبار، واحدها قليب، وهي البئر شبه الجراحة بها.
[و] قال "أبو عبيدة" في الوري مثله إلا أنه قال: هو أن يأكل القيح جوفه وأنشدنا غيره لعبد بني الحسحاس يذكر النساء:
وراهن ربي مثل ما قد وريتني وأحمى على أكبادهن المكاويا
"لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا حتى يريه خير له من أن يمتلئ شعرا".
يعني من الشعر الذي [قد] هجي به النبي - صلى الله عليه وسلم - .
قال أبو عبيد: والذي عندي في هذا الحديث غير هذا القول؛ لأن الذي هجي به النبي - صلى الله عليه وسلم - لو كان شطر بيت لكان كفرا، فكأنه إذا حمل وجه [ ص: 163 ] الحديث على امتلاء القلب منه، أنه قد رخص في القليل منه.
ولكن وجهه عندي أن يمتلئ قلبه [من الشعر] حتى يغلب عليه، فيشغله عن القرآن، وعن ذكر الله، فيكون الغالب عليه من أي الشعر كان.
فأما إذا كان القرآن والعلم الغالب عليه، فليس جوف هذا عندنا ممتلئا من الشعر.


