الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
451 - وقال "أبو عبيد" في حديث "النبي" - صلى الله عليه وسلم - :

"إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب، فإن كان مفطرا فليأكل، وإن كان صائما فليصل"   [ ص: 235 ] .

قال: حدثناه "ابن علية" و"يزيد" كلاهما عن "هشام بن حسان" عن "ابن سيرين" عن "أبي هريرة" عن "النبي" - صلى الله عليه وسلم - .

قالا: قوله: "فليصل" يعني يدعو لهم بالبركة والخير.

قال "أبو عبيد": وكذلك كل داع، فهو مصل، وكذلك هذه الأحاديث التي جاء فيها ذكر صلاة الملائكة، كقوله: "الصائم إذا أكل عنده الطعام صلت عليه الملائكة حتى يمسي".  

وحديثه: "من صلى على النبي [ - صلى الله عليه وسلم - ] صلاة صلت عليه الملائكة عشرا" [ ص: 236 ] .

وهذا في حديث كثير، فهو كله عندي الدعاء، ومثله في الشعر في غير موضع، قال "الأعشى":


وصهباء طاف يهوديها وأبرزها وعليها ختم

    وقابلها الريح في دنها
وصلى على دنها وارتسم

يقول: دعا لها بالسلامة والبركة، يصف الخمر.

وقال أيضا:


- تقول بنتي وقد قربت مرتحلا     يا رب جنب أبي الأوصاب والوجعا


عليك مثل الذي صليت فاغتمضي     نوما فإن لجنب المرء مضطجعا [ ص: 237 ]

يقول: ليكن لك مثل الذي دعوت لي به.

قال "أبو عبيد": وأما حديث "ابن أبي أوفى" أنه قال أعطاني أبي صدقة ماله فأتيت به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال:

"اللهم صل على آل أبي أوفى".
فإن هذه الصلاة عندي الرحمة.

ومنه قول الله [ - عز وجل - ] : إن الله وملائكته يصلون على النبي فهو من الله رحمة، ومن الملائكة دعاء [ ص: 238 ] ومنه قولهم: "اللهم صل على محمد".

قال: فالصلاة ثلاثة أشياء: الرحمة والدعاء والصلاة.

التالي السابق


الخدمات العلمية