"من أحيا أرضا ميتة فهي له، وليس لعرق ظالم حق".
قال: "سمعت يحدثه عن سعيد بن عبد الرحمن الجمحي" عن أبيه يرفعه. "هشام بن عروة"
قال "الجمحي" قال "هشام" العرق الظالم: أن يجيء الرجل إلى أرض قد أحياها رجل قبله، فيغرس فيها غرسا، أو يحدث فيها شيئا: ليستوجب به الأرض [ ص: 279 ] .
هذا الكلام أو نحوه.
قال فهذا التفسير في الحديث. "أبو عبيد":
ومما يحقق ذلك حديث آخر، قال سمعت يحدثه عن "عباد بن العوام" "محمد بن إسحاق" عن عن أبيه يرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل هذا الحديث. "يحيى بن عروة"
قال: قال "عروة": فلقد أخبرني الذي حدثني هذا الحديث
قال: فلقد رأيتها يضرب في أصولها بالفؤوس وإنها لنخل عم". أن رجلا غرس في أرض رجل من الأنصار نخلا، فاختصما إلى "النبي" - صلى الله عليه وسلم - فقضى للأنصاري بأرضه، وقضى على الآخر أن ينزع نخله.
قال هذا الغارس في أرض غيره هو العرق الظالم [ ص: 280 ] . "أبو عبيد":
وقوله: "نخل عم": هي التامة في طولها والتفافها، وواحدتها عميمة.
ومنه قيل للمرأة عميمة إذا كانت كذلك في خلقها، وقال "لبيد" يصف نخلا:
سحق يمتعها الصفا وسريه عم نواعم بينهن كروم
فالسحق: الطوال، وقوله: يمتعها يعني يطولها، وهو مأخوذ من الماتع وهو الطويل من كل شيء، والصفا: اسم نهر، والسري: النهر الصغير.وفي هذا الحديث من الحكم أنه فاستحقها بحكم حاكم أنه يقضى على الغاصب بقلع ما أحدث فيها، وإن أضر ذلك به، ولا يقال للمستحق: اغرم له القيمة، ودع البناء على حاله، ولكن إنما له نقضه لا غير إلا أن يشاء المستحق ذلك، فهذا الأصل في حكم الغاصب. من اغتصب رجلا أرضا أو دارا، [ ص: 281 ] فغرس فيها، وبنى، وأنفق، ثم جاء ربها،
وفي حديث آخر زيادة ليست في هذا.
قال: حدثناه عن "أبو معاوية" عن "هشام بن عروة" عن "عبيد الله بن عبد الرحمن" عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "جابر بن عبد الله"
"من أحيا أرضا ميتة فهي له، وما أكلت العافية منه، فهو له صدقة" [ ص: 282 ] .
فالواحد من العافية عاف، وهو كل من جاءك يطلب فضلا أو رزقا فهو معتف وعاف، وقد عفاك يعفوك [عفوا] وجمعه عفاة.
وقال يمدح رجلا: "الأعشى"
تطوف العفاة بأبوابه كطوف النصارى ببيت الوثن
وبيان ذلك في حديث آخر، قال: حدثنيه "أبو اليقظان" عن عن "الأعمش" "أبي سفيان" عن "جابر بن عبد الله" قالت: دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا في نخل لي فقال: " أم مبشر الأنصارية"
"من غرسه؟ أمسلم أم كافر؟ [ ص: 283 ] قلت: لا بل مسلم.
فقال: "ما من مسلم يغرس غرسا، أو يزرع زرعا، فيأكل منه إنسان، أو دابة، أو طائر، أو سبع إلا كانت له صدقة". عن